الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٢٩
الفجار لفى جحيم. يصلونها يوم الدين. وما هم عنها بغائبين. وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين. يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والامر يومئذ لله.
سورة المطففين وهى. ست وثلاثون آية بسم الله الرحمن الرحيم ويل للمطففين.
____________________
(وما هم عنها بغائبين) كقوله - وما هم بخارجين منها - ويجوز أن يراد يصلون النار يوم الدين وما يغيبون عنها قبل ذلك: يعنى في قبورهم. وقيل أخبر الله في هذه السورة أن لابن آدم ثلاث حالات: حال الحياة التي يحفظ فيها عمله، وحال الآخرة التي يجازى فيها، وحال البرزخ وهو قوله - وما هم عنها بغائبين - يعنى أن أمر يوم الدين بحيث لا تدرك دراية دار كنهه في الهول والشدة، وكيفما تصورته فهو فوق ذلك وعلى أضعافه، والتكرير لزيادة التهويل ثم أجمل القول في وصفه فقال (يوم لا تملك نفس لنفس شيئا) أي لا تستطيع دفعا عنها ولا نفعا لها بوجه ولا أمر إلا لله وحده، من رفع فعلى البدل من يوم الدين، أو على هو يوم لا تملك، ومن نصب فبإضمار يدانون لان الدين يدل عليه أو بإضمار أذكر، ويجوز أن يفتح لاضافته إلى غير متمكن وهو في محل الرفع. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ إذا السماء انفطرت كتب الله له بعدد كل قطرة من السماء حسنة وبعدد كل قبر حسنة ".
سورة المطففين مختلف فيها، وهى ست وثلاثون آية (بسم الله الرحمن الرحيم) التطفيف: البخس في الكيل والوزن، لان ما يبخس شئ طفيف حقير. وروى " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وكانوا من أخبث الناس كيلا، فنزلت فأحسنوا الكيل " وقيل قدمها وبها رجل يعرف بأبي جهينة ومعه صاعان يكيل بأحدهما ويكتال بالآخر، وقيل " كان أهل المدينة تجارا يطففون، وكانت بياعاتهم المنابذة والملامسة والمخاطرة فنزلت، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها عليهم وقال: خمس بخمس،
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»