إن المتقين في ظلال وعيون. وفواكه مما يشتهون. كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون. إنا كذلك نجزى المحسنين. ويل يومئذ للمكذبين. كلوا وتمتعوا قليلا إنكم مجرمون. ويل يومئذ للمكذبين. وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون. ويل يومئذ للمكذبين. فبأي حديث بعده يؤمنون.
____________________
في التشبيه بالقصر وهو الحصن تشبيها من جهتين: من جهة العظم، ومن جهة الطول في الهواء وفى التشبيه بالجمالات وهى القلوس تشبيه من ثلاث جهات، من جهة العظم والطول والصفرة، فأبعد الله إغرابه في طرافه وما نفخ شدقيه من استطراقه. قرئ بنصب اليوم ونصبه الأعمش: أي هذا الذي قص عليكم واقع يومئذ ويوم القيامة طويل ذو مواطن ومواقيت ينطقون في وقت ولا ينطقون في وقت. ولذلك ورد الأمران في القرآن، أو جعل نطقهم كلا نطق لأنه لا ينفع ولا يسمع (فيعتذرون عطف على يؤذن منخرط في سلك النفي، والمعنى: ولا يكون لهم إذن واعتذار متعقب له من غير أن يجعل الاعتذار مسببا عن الاذن. ولو نصب لكان مسببا عنه لا محالة (جمعناكم والأولين) كلام موضح لقوله - هذا يوم الفصل - لأنه إذا كان يوم الفصل بين السعداء والأشقياء وبين الأنبياء وأممهم فلابد من جمع الأولين والآخرين حتى يقع ذلك الفصل بينهم (فإن كان لكم كيد فكيدون) تقريع لهم على كيدهم لدين الله وذويه وتسجيل عليهم بالعجز والاستكانة (كلوا واشربوا) في مضع الحال من ضمير المتقين في الظرف الذي هو في ظلال: أي هم مستقرون في ظلال مقولا لهم ذلك، و (كلوا وتمتعوا) حال من المكذبين: أي الويل ثابت لهم في حال ما يقال لهم كلوا وتمتعوا. فإن قلت: كيف يصح أن يقال لهم ذلك في الآخرة؟
قلت: يقال لهم ذلك في الآخرة إيذانا بأنهم كانوا في الدنيا أحقاء بأن يقال لهم وكانوا من أهله، تذكيرا بحالهم السمجة وبما جنوا على أنفسهم من إيثار المتاع القليل على النعيم والملك الخالد. وفي طريقته قوله:
إخوتي لا تبعدوا أبدا * وبلى والله قد بعدوا يريد كنتم أحقاء في حياتكم بأن يدعى لكم بذلك. وعلل ذلك بكونهم مجرمين على أن كل مجرم ماله إلا الاكل والتمتع أياما قلائل ثم البقاء في الهلاك أبدا. ويجوز أن يكون كلوا وتمتعوا كلاما مستأنفا خطابا للمكذبين في الدنيا (اركعوا) اخشعوا لله وتواضعوا له بقبول وحيه واتباع دينه، واطرحوا هذا الاستكبار والنخوة لا يخشعون ولا يقبلون ذلك ويصرون على استكبارهم. وقيل ما كان على العرب أشد من الركوع والسجود. وقيل نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة فقالوا: لا نجبى فإنها مسبة علينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود " (بعده) بعد القرآن: يعنى أن القرآن من بين الكتب المنزلة آية مبصرة ومعجزة باهرة. فحين لم يؤمنوا به فبأي كتاب بعده (يؤمنون) وقرئ تؤمنون بالتاء.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة والمرسلات كتب له أنه ليس من المشركين ".
قلت: يقال لهم ذلك في الآخرة إيذانا بأنهم كانوا في الدنيا أحقاء بأن يقال لهم وكانوا من أهله، تذكيرا بحالهم السمجة وبما جنوا على أنفسهم من إيثار المتاع القليل على النعيم والملك الخالد. وفي طريقته قوله:
إخوتي لا تبعدوا أبدا * وبلى والله قد بعدوا يريد كنتم أحقاء في حياتكم بأن يدعى لكم بذلك. وعلل ذلك بكونهم مجرمين على أن كل مجرم ماله إلا الاكل والتمتع أياما قلائل ثم البقاء في الهلاك أبدا. ويجوز أن يكون كلوا وتمتعوا كلاما مستأنفا خطابا للمكذبين في الدنيا (اركعوا) اخشعوا لله وتواضعوا له بقبول وحيه واتباع دينه، واطرحوا هذا الاستكبار والنخوة لا يخشعون ولا يقبلون ذلك ويصرون على استكبارهم. وقيل ما كان على العرب أشد من الركوع والسجود. وقيل نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة فقالوا: لا نجبى فإنها مسبة علينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود " (بعده) بعد القرآن: يعنى أن القرآن من بين الكتب المنزلة آية مبصرة ومعجزة باهرة. فحين لم يؤمنوا به فبأي كتاب بعده (يؤمنون) وقرئ تؤمنون بالتاء.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة والمرسلات كتب له أنه ليس من المشركين ".