الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٢٠٣
طمست. وإذا السماء فرجت. وإذا الجبال نسفت. وإذا الرسل وقتت. لأي يوم أجلت.
ليوم الفصل. وما أدراك ما يوم الفصل ويل يومئذ للمكذبين. ألم نهلك الأولين.
ثم نتبعهم الآخرين. كذلك نفعل بالمجرمين. ويل يومئذ للمكذبين. ألم نخلقكم من ماء مهين. فجعلناه في قرار مكين. إلى قدر معلوم. فقدرنا فنعم القادرون. ويل يومئذ للمكذبين. ألم نجعل الأرض كفاتا. أحياء وأمواتا.
وجعلنا فيها
____________________
المفعول له، وأما على الوجه الثالث فعلى الحال بمعنى عاذرين أو منذرين، وقرئا مخففين ومثقلين. إن الذين توعدونه من مجئ يوم القيامة لكائن نازل لا ريب فيه وهو جواب القسم. وعن بعضهم: أن المعنى ورب المرسلات (طمست) محيت ومحقت، وقيل ذهب بنورها ومحق ذواتها موافق لقوله انتثرت وانكدرت، ويجوز أن يمحق نورها ثم تنتثر ممحوقة النور (فرجت) فتحت فكانت أبوابا. قال * الفارجي باب الأمير إليهم * (نسفت) كالحب إذا نسف بالمنسف ونحوه - وبست الجبال بسا - وكانت الجبال كثيبا مهيلا - وقيل أخذت بسرعة من أماكنها من انتسفت الشئ إذا اختطفته. وقرئت طمست وفرجت ونسفت مشددة * قرئ أقتت ووقتت * بالتشديد والتخفيف فيهما والأصل الواو. ومعنى توقيت الرسل: تبيين وقتها الذي يحضرون فيه للشهادة على أممهم. والتأجيل من الاجل كالتوقيت من الوقت (لأي يوم أجلت) تعظيم لليوم وتعجيب من هوله (ليوم الفصل) بيان ليوم التأجيل وهو اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق، والوجه أن يكون معنى وقتت بلغت ميقاتها الذي كانت تنتظره وهو يوم القيامة، وأجلت أخرت. فإن قلت: كيف وقع النكرة مبتدأ في قوله (ويل يومئذ للمكذبين)؟
قلت: هو في أصله مصدر منصوب ساد مسد فعله، ولكنه عدل به إلى الرفع للدلالة على معنى ثبات الهلاك ودوامه للمدعو عليه. ونحوه - سلام عليكم - ويجوز ويلا بالنصب ولكنه لم يقرأ به يقال ويلا له ويلا كيلا. قرأ قتادة نهلك بفتح النون من هلكه بمعنى أهلكه، قال العجاج: * ومهمه هالك من تعرجا * (ثم نتبعهم) بالرفع على الاستئناف وهو وعيد لأهل مكة. يريد ثم نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأولين ونسلك بهم سبيلهم لأنه كذبوا مثل تكذيبهم، ويقويها قراءة ابن مسعود ثم سنتبعهم. وقرئ بالجزم للعطف على نهلك، ومعناه: أنه أهلك الأولين من قوم نوح وعاد وثمود ثم أتبعهم الآخرين من قوم شعيب ولوط وموسى، كذلك مثل ذلك الفعل الشنيع (نفعل) بكل من أجرم إنذارا وتحذيرا من عاقبة الجرم وسوء أثره (إلى قدر معلوم) إلى مقدار من الوقت معلوم قد علمه الله وحكم به وهو تسعة الأشهر أو ما دونها أو ما فوقها (فقدرنا) فقدرنا ذلك تقديرا (فنعم القادرون) فنعم المقدرون له نحن، أو فقدرنا على ذلك فنعم القادرون عليه نحن، والأول أولى لقراءة من قرأ فقدرنا بالتشديد ولقوله - من نطفة خلقه فقدره - الكفات من كفت الشئ: إذا ضمه وجمعه) وهو اسم ما يكفت كقولهم الضمام والجماع لما يضم ويجمع. يقال هذا الباب جماع الأبواب، وبه انتصب (أحياء وأمواتا)
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»