الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٨٧
في جنات يتساءلون. عن المجرمين. ما سلككم في سقر. قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين. وكنا نخوض مع الخائضين. وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين. فما تنفعهم شفاعة الشافعين. فما لهم عن التذكرة معرضين.
____________________
أصحاب اليمين بالأطفال لانهم لا أعمال لهم يرتهنون بها. وعن ابن عباس رضي الله عنه: هم الملائكة (في جنات) أي هم في جنات لا يكتنه وصفها (يتساءلون عن المجرمين) يسأل بعضهم بعضا عنهم أو يتساءلون غيرهم عنهم كقولك دعوته وتداعيناه. فإن قلت: كيف طابق قوله (ما سلككم) وهو سؤال للمجرمين قوله يتساءلون عن المجرمين وهو سؤال عنه، وإنما كان يتطابق ذلك لو قيل يستاءلون المجرمين ما سلككم؟ قلت: ما سلككم ليس ببيان للتساؤل عنهم وإنما هو حكاية قول المسؤولين عنهم، لان المسؤولين يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم وبين المجرمين فيقولون قلنا لهم ما سلككم (في سقر قالوا لم نك من المصلين) إلا أن الكلام جئ به على الحذف والاختصار كما هو نهج التنزيل في غرابة نظمه. الخوض: الشروع في الباطل وما لا ينبغي. فإن قلت: لم يسألونهم وهم عللون بذلك؟ قلت: توبيخا لهم وتحسيرا، وليكون حكاية الله ذلك في كتابه تذكرة للسامعين، وقد عضد بعضهم تفسير أصحاب اليمين بالأطفال أنهم سألوهم لانهم ولدان لا يعرفون موجب دخول النار. فإن قلت: أيريدون أن كل واحد بمجموع هذه الأربع دخل النار أم دخلها بعضهم بهذه وبعضهم بهذه؟ قلت: يحتمل الامرين جميعا. فإن قلت: لم أخر التكذيب وهو أعظمها؟ قلت: أرادوا أنهم بعد ذلك كله كانوا مكذبين بيوم الدين تعظيما للتكذيب كقوله - ثم كان من الذين آمنوا - و (اليقين) الموت ومقدماته: أي لو شفع لهم الشافعون جميعا من الملائكة والنبيين وغيرهم لم تنفعهم شفاعتهم، لان الشفاعة لمن ارتضاه الله وهم مسخوط عليهم، وفيه دليل على أن الشفاعة تنفع يومئذ لأنها تزيد في درجات المرتضين (عن التذكرة) عن التذكير وهو العظة يريد القرآن أو غيره من المواعظ، و (معرضين) نصب على الحال كقولك مالك قائما. والمستنفرة: الشديدة النفار كأنها تطلب النفار من نفوسها في جمعها له وحملها عليه. وقرئ بالفتح وهى المنفرة المحمولة على النفار. والقسورة: جماعة الرماة الذين
(١٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 ... » »»