الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٤٦
ما لكم كيف تحكمون. أم لكم كتاب فيه تدرسون. إن لكم فيه لما تخيرون أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون. سلهم أيهم بذلك زعيم. أم لهم شركاء فليأتوا بشركائهم إن كانوا صادقين.
____________________
بحديث الآخرة وما وعد الله المسلمين قالوا: إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد ومن معه لم تكن حالهم وحالنا إلا مثل ما هي في الدنيا وإلا لم يزيدوا علينا ولم يفضلونا، وأقصى أمرهم أن يساونا، فقيل أنحيف في الحكم فنجعل المسلمين كالكافرين. ثم قيل لهم على طريقة الالتفات (ما لكم كيف تحكمون) هذا الحكم الأعوج كأن أمر الجزاء مفوض إليكم حتى تحكموا فيه بما شئتم (أم لكم كتاب) من السماء (تدرسون) في ذلك الكتاب أن ما تختارونه وتشتهونه لكم كقوله تعالى - أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم - والأصل تدرسون أن لكم ما تخيرون بفتح أن لأنه مدروس، فلما جاءت اللام كسرت، ويجوز أن تكون حكاية للمدروس كما هو كقوله - وتركنا عليه في الآخرين سلام على نوح في العالمين - وتخير الشئ واختاره: أخذ خيره، ونحوه تنخله وانتخله إذا أخذ منخوله.
لفلان على يمين بكذا إذا ضمنته منه وحلفت له على الوفاء به: يعنى أم ضمنا منكم وأقسمنا لكم بأيمان مغلظة متناهية في التوكيد. فإن قلت: بم يتعلق (إلى يوم القيامة)؟ قلت: بالمقدر في الظرف: أي هي ثابتة لكم علينا إلى يوم القيامة لا نخرج عن عهدتها إلا يومئذ إذا حكمناكم وأعطيناكم ما تحكمون. ويجوز أن يتعلق ببالغة على أنها تبلغ ذلكم اليوم وتنتهي إليه وافرة لم تبطل منها يمين إلى أن يحصل المقسم عليه من التحكيم. وقرأ الحسن بالغة بالنصب على الحال من الضمير في الظرف (إن لكم لما تحكمون) جواب القسم لأن معنى أم لكم أيمان علينا أم أقسمنا لكم (أيهم بذلك) الحكم (زعيم) أي قائم به وبالاحتجاج لصحته كما يقوم الزعيم المتكلم عن القوم المتكفل بأمورهم (أم لهم شركاء) أي ناس يشاركونهم في هذا القول ويوافقونهم عليه ويذهبون مذهبهم فيه - فليأتوا) بهم (إن كانوا صادقين) في دعواهم: يعنى أن أحدا لا يسلم لهم هذا ولا يساعدهم عليه، كما أنه لا كتاب لم ينطق به ولا عهد لهم به عند الله ولا زعيم لهم يقوم به. الكشف عن الساق والإبداء عن الخدام مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب وأصله في الروع والهزيمة وتشمير المخدرات عن سوقهن في الهرب وإبداء خدامهن عند ذلك. قال حاتم:
أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها * وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا وقال ابن الرقيات:
تذهل الشيخ عن بنيه وتبدى * عن خدام العقيلة العذراء
(١٤٦)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»