الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٢٥
يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغى مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم
____________________
عليه وسلم يكره التفل فحرم العسل " فمعناه (لم تحرم ما أحل الله لك) من ملك اليمين أو العسل، و (تبتغى) إما تفسير لتحرم أو حال أو استئناف، وكان هذا زلة منه لأنه ليس لأحد أن يحرم ما أحل الله لأن الله عز وجل إنما أحل ما أحل لحكمة أو مصلحة عرفها في إحلاله، فإذا حرم كان ذلك قلب المصلحة مفسدة (والله غفور) قد غفر لك ما زللت فيه (رحيم) قد رحمك فلم يؤاخذك به (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) فيه معنيان: أحدهما قد شرع لكم الاستثناء في أيمانكم من قولك: حلل فلان في يمينه إذا استثنى فيها، ومنه حلا أبيت اللعن بمعنى استثن في يمينك إذا أطلقها وذلك أن يقول إن شاء الله عقيبها حتى لا يحنث. والثاني قد شرع الله لكم تحلتها بالكفارة، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام " لا يموت لرجل ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا تحلة القسم " وقول ذي الرمة:
* قليلا كتحليل الألى * فإن قلت: ما حكم تحريم الحلال؟ قلت: قد اختلف فيه، فأبو حنيفة يراه يمينا في كل شئ ويعتبر الانتفاع المقصود فيما يحرمه، فإذا حرم طعاما فقد حلف على أكله أو أمة فعلى وطئها أو زوجة فعلى الإيلاء منها إذا لم يكن له نية، وإن نوى الظهار فظهار، وإن نوى الطلاق فطلاق بائن، وكذلك إن نوى ثنتين، وإن نوى ثلاثا فكما نوى، وإن قال نويت الكذب دين فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء بإبطال الإيلاء، وإن قال كل حلال على حرام فعلى الطعام والشراب إذا لم ينو وإلا فعلى ما نوى، ولا يراه الشافعي يمينا
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»