الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٢٦
والله مولاكم وهو العليم الحكيم. وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض
____________________
ولكن سببا في الكفارة في النساء وحدهن، وإن نوى الطلاق فهو رجعي عنده. وعن أبي بكر وعمر وابن عباس وابن مسعود وزيد رضي الله عنهم أن الحرام يمين، وعن عمر إذا نوى الطلاق فرجعي، وعن علي رضي الله عنه ثلاث، وعن زيد واحدة بائنة، وعن عثمان ظهار، وكان مسروق لا يراه شيئا ويقول: ما أبالى أحرمتها أم قصعة من ثريد، وكذلك عن الشعبي قال: ليس بشئ محتجا بقوله تعالى - ولا تقولوا لما تصفوا ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام - وقوله تعالى - لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم - وما لم يحرمه الله تعالى فليس لأحد أن يحرمه ولا أن يصير بتحريمه حراما، ولم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لما أحله الله هو حرام على، وإنما امتنع من مارية ليمين تقدمت منه وهو قوله عليه الصلاة والسلام " والله لا أقربها بعد اليوم " فقيل له: لم تحرم ما أحل الله لك؟ أي لم تمتنع منه بسبب اليمين يعنى أقدم على ما حلفت عليه وكفر عن يمينك، ونحوه قوله تعالى - وحرمنا عليه المراضع - أي منعناه منها، وظاهر قوله تعالى - قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم - أنه كانت منه يمين.
فإن قلت: هل كفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك؟ قلت: عن الحسن أنه لم يكفر لأنه كان مغفورا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنما هو تعليم للمؤمنين. وعن مقاتل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية (والله مولاكم) سيدكم ومتولى أموركم (وهو العليم) بما يصلحكم فيشرعه لكم (الحكيم) فلا يأمركم ولا ينهاكم إلا بما توجبه الحكمة. وقيل مولاكم أولى بكم من أنفسكم فكانت نصيحته أنفع لكم من نصائحكم لأنفسكم (بعض أزواجه) حفصة والحديث الذي أسر إليها حديث مارية وإمامة الشيخين (نبأت به) أفشته إلى عائشة.
وقرئ أنبأت به (وأظهره) وأطلع النبي عليه الصلاة والسلام (عليه) على الحديث أي على إفشائه على لسان جبريل وقيل أظهر الله الحديث على النبي صلى الله عليه وسلم من الظهور (عرف بعضه) أعلم ببعض الحديث تكرما. قال سفيان: ما زال التغافل من فعل الكرام. وقرئ عرف بعضه: أي جازى عليه من قولك للمسئ لأعرفن لك ذلك وقد عرفت ما صنعت، ومن - أولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم - وهو كثير في القرآن وكان جزاؤه تطليقه إياها.
وقيل المعرف حديث الإمامة والمعرض عنه حديث مارية. وروى " أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: ألم أقل لك اكتمى على؟ قالت: والذي بعثك بالحق ما ملكت نفسي، فرحا بالكرامة التي خص الله بها أباها " فإن قلت:
هلا قيل: فلما نبأت به بعضهن وعرفها بعضه؟ قلت: ليس الغرض بيان من المذاع إليه ومن المعرف، وإنما
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»