الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٢٠
ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا.
ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بليغ أمره
____________________
لغرض من الأغراض سوى إقامة الحق ودفع الظلم كقوله تعالى - كونوا قوامين بالقسط شهداء الله ولو على أنفسكم - أي (ذلكم) الحث على إقامة الشهادة لوجه الله ولأجل القيام بالقسط (يوعظ به. ومن يتق الله) يجوز أن تكون جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من إجراء أمر الطلاق على السنة وطريقه الأحسن والأبعد من الندم، ويكون المعنى:
ومن يتق الله فطلق للسنة ولم يضار المعتدة ولم يخرجها من مسكنها واحتاط فأشهد (يجعل) الله (له مخرجا) مما في شأن الأزواج من الغموم والوقوع في المضايق ويفرج عنه وينفس ويعطه الخلاص (ويرزقه) من وجه لا يخطره بباله ولا يحتسبه إن أو في المهر وأدى الحقوق والنفقات وقل ماله. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عمن طلق ثلاثا أو ألفا هل له من مخرج؟ فتلاها. وعن ابن عباس أنه سئل عن ذلك فقال: لم تتق الله فلم يجعل لك مخرجا بانت منك بثلاث والزيادة إثم في عنقك. ويجوز أن يجاء بها على سبيل الاستطراد عند ذكر قوله - ذلكم يوعظ به - يعنى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ومخلصا من غموم الدنيا والآخرة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأها فقال:
مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة. وقال عليه الصلاة والسلام " إني لأعلم آية لو أخذ الناس بها لكفتهم - ومن يتق الله - فما زال يقرؤها ويعيدها ". وروى " أن عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابنا له يسمى سالما، فأتى رسول الله فقال أسر ابني وشكا إليه الفاقة، فقال: ما أمسى عند آل محمد إلا مد، فاتق الله واصبر وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، ففعل فبينا هو في بيته إذ قرع ابنه الباب ومعه مائة من الإبل تغفل عنها العدو فاستاقها فنزلت هذه الآية " (بالغ أمره) أي يبلغ ما يريد لا يفوته مراد ولا يعجزه مطلوب. وقرئ بالغ أمره بالإضافة، وبالغ أمره بالرفع: أي نافذ أمره. وقرأ المفضل بالغا أمره على أن قوله
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»