الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١١٩
وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله
____________________
بائنة؟ قلت: اختلفت الرواية فيه عن أصحابنا والظاهر الكراهة. فإن قلت: قوله - إذا طلقتم النساء - عام يتناول المدخول بهن وغير المدخول بهن من ذوات الأقراء والآيسات والصغائر والحوامل فكيف صح تخصيصه بذوات الأقراء المدخول بهن؟ قلت: لا عموم ولا خصوص، ولكن النساء اسم جنس للإناث من الإنس، وهذه الجنسية معنى قائم في كلهن وفى بعضهن، فجاز أن يراد بالنساء هذا وذاك، فلما قيل - فطلقوهن لعدتهن - علم أنه أطلق على بعضهن وهن المدخول بهن من المعتدات بالحيض (وأحصوا العدة) واضبطوها بالحفظ وأكملوها ثلاثة أقراء مستقبلات كوامل لا نقصان فيهن، و (لا تخرجوهن) حتى تنقضي عدتهن (من بيوتهن) من مساكنهن التي يسكنها قبل العدة وهى بيوت الأزواج، وأضيفت إليهن لاختصاصها بهن من حيث السكنى. فإن قلت:
ما معنى الجمع بين إخراجهم أو خروجهن؟ قلت: معنى الإخراج أن لا يخرجهن البعولة غضبا عليهن وكراهة لمساكنتهن أو لحاجة لهم إلى المساكن، وأن لا يأذنوا لهن في الخروج إذا طلبن ذلك إيذانا بأن إذنهم لا أثر له في رفع الحظر، ولا يخرجن بأنفسهن إن أردن ذلك (إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) قرئ بفتح الياء وكسرها. قيل هي الزنا:
يعنى إلا أن يزنين فيخرجن لإقامة الحد عليهن. وقيل إلا أن يطلقن على النشوز والنشوز يسقط حقها في السكنى.
وقيل إلا أن يبذون فيحل إخراجهن لبذائهن، وتؤكده قراءة أبى إلا أن يفحشن عليكم. وقيل خروجها قبل انقضاء العدة فاحشة في نفسه. الأمر الذي يحدثه الله أن يقلب قلبه من بغضها إلى محبتها، ومن الرغبة عنها إلى الرغبة فيها، ومن عزيمة الطلاق إلى الندم عليه فيراجعها، والمعنى فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة لعلكم ترغبون وتندمون فتراجعون (فإذا بلغن أجلهن) وهو آخر العدة وشارفنه فأنتم بالخيار، إن شئتم فالرجعة والإمساك بالمعروف والإحسان وإن شئتم فترك الرجعة والمفارقة واتقاء الضرار وهو أن يراجعها في آخر عدتها ثم يطلقها تطويلا للعدة عليها وتعذيبا لها (وأشهدوا) يعنى عند الرجعة والفرقة جميعا، وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبي حنيفة كقوله - وأشهدوا إذا تبايعتم - وعند الشافعي هو واجب في الرجعة مندوب إليه في الفرقة. وقيل فائدة الإشهاد أن لا يقع بينهما التجاحد وأن لا يتهم في إمساكها ولئلا يموت أحدهما فيدعى الباقي ثبوت الزوجية ليرث (منكم) قال الحسن من المسلمين. وعن قتادة: من أحراركم (لله) لوجهه خالصا، وذلك أن تقيموها لا للمشهود عليه ولا
(١١٩)
مفاتيح البحث: الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 119 120 121 122 123 124 ... » »»