الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٠١
وبشر المؤمنين. يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصارا لله كما قال عيسى بن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين.
____________________
قلت: علام عطف قوله (وبشر المؤمنين)؟ قلت: على تؤمنون لأنه في معنى الأمر كأنه قيل: آمنوا وجاهدوا يثبكم الله وينصركم، وبشر يا رسول الله المؤمنين بذلك. فإن قلت: لم نصب من قرأ نصرا من الله وفتحا قريبا؟
قلت: يجوز أن ينصب على الاختصاص أو على تنصرون نصرا ويفتح لكم فتحا أو على يغفر لكم ويدخلكم جنات ويؤتكم أخرى نصرا من الله وفتحا. قرئ كونوا أنصارا لله وأنصار الله. وقرأ ابن مسعود كونوا أنتم أنصار الله، وفيه زيادة حتم للنصرة عليهم. فإن قلت: ما وجه صحة التشبيه وظاهره تشبيه كونهم أنصارا بقول عيسى صلوات الله عليه (من أنصاري إلى الله)؟ قلت: التشبيه محمول على المعنى وعليه يصح، والمراد كونوا أنصار الله كما كان الحواريون أنصار عيسى حين قال لهم - من أنصاري إلى الله - فإن قلت: ما معنى قوله من أنصاري إلى الله؟
قلت: يجب أن يكون معناه مطابقا لجواب الحواريين (نحن أنصار الله) والذي يطابقه أن يكون المعنى من جندي متوجها إلى نصرة الله وإضافة أنصاري خلاف إضافة أنصار الله فإن معنى نحن أنصار الله نحن الذين ينصرون الله ومعنى من أنصاري من الأنصار الذين يختصون بي ويكونون معي في نصرة الله، ولا يصح أن يكون معناه من ينصرني مع الله لأنه لا يطابق الجواب، والدليل علية قراءة من قرأ من أنصار الله، والحواريون أصفياؤه وهم أول من آمن به وكانوا اثنى عشر رجلا، وحواري الرجل صفيه وخلصانه من الحور وهو البياض الخالص، والحواري الدرمك، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام " الزبير ابن عمتي وحواريي من أمتي " وقيل كانوا قصارين يحورون الثياب يبيضونها ونظير الحوارى في زنته الحوالي الكثير الحيل (فآمنت طائفة) منهم بعيسى (وكفرت به) (طائفة فأيدنا) مؤمنيهم على كفارهم فظهروا عليهم. وعن زيد بن علي كان ظهورهم بالحجة. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ومن قرأ سورة الصف كان عيسى مصليا عليه مستغفرا له ما دام في الدنيا وهو يوم القيامة رفيقه ".
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»