الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ١٠٤
تعملون. يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة.
____________________
العقاب. وقرأ زيد بن علي رضي الله عنه إنه ملاقيكم. وفى قراءة ابن مسعود تفرون منه ملاقيكم وهى ظاهرة، وأما التي بالفاء فلتضمن الذي معنى الشرط، وقد جعل إن الموت الذي تفرون منه كلاما برأسه في قراءة زيد: أي إن الموت هو الشئ الذي تفرون منه ثم استؤنف إنه ملاقيكم. يوم الجمعة: يوم الفوج المجموع كقولهم ضحكة للمضحوك منه، ويوم الجمعة بفتح الميم: يوم الوقت الجامع كقولهم ضحكة ولعنة ولعبة، ويوم الجمعة تثقيل للجمعة كما قيل عسرة في عسرة، وقرئ بهن جميعا. فإن قلت: من في قوله (من يوم الجمعة) ما هي؟ قلت: هي بيان لإذا وتفسير له. والنداء الأذان، وقالوا المراد به الأذان عن قعود الإمام على المنبر، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذن واحد فكان إذا جلس على المنبر أذن على باب المسجد، فإذا نزل أقام للصلاة، ثم كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما على ذلك حتى إذا كان عثمان وكثر الناس وتباعدت المنازل زاد مؤذنا آخر، فأمر بالتأذين الأول على داره التي تسمى زوراء، فإذا جلس على المنبر أذن المؤذن الثاني، فإذا نزل أقام للصلاة فلم يعب ذلك عليه. وقيل أول من سماها جمعة كعب بن لؤي وكان يقال لها العروبة. وقيل إن الأنصار قالوا: لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام، وللنصارى مثل ذلك، فهلموا نجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله فيه ونصلى، فقالوا: يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه يوم العروبة، فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلى بهم يؤمئذ ركعتين وذكرهم فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه، فأنزل الله آية الجمعة فهي أول جمعة كانت في الإسلام وأما أول جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي أنه لما قدم المدينة مهاجرا نزل قباء على بنى عمر بن عوف وأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجدهم، ثم خرج يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بنى سالم بن عوف في بطن واد لهم فخطب وصلى الجمعة وعن بعضهم: قد أبطل الله قول اليهود في ثلاث افتخروا بأنهم أولياء الله وأحباؤه فكذبهم في قوله - فتمنوا الموت إن كنتم صادقين - وبأنهم أهل الكتاب والعرب لا كتاب لهم، فشبههم بالحمار يحمل أسفارا وبالسبت وأنه ليس للمسلمين مثله، فشرع الله لهم الجمعة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أهبط إلى الأرض وفيه تقوم الساعة، وهو عند الله يوم المزيد " وعنه عليه الصلاة والسلام؟ أتاني جبريل وفى كفه مرآة بيضاء وقال هذه الجمعة، يعرضها عليك ربك لتكون لك عيدا ولأمتك من بعدك، وهو سيد الأيام عندنا ونحن ندعوه إلى الآخرة يوم المزيد " وعنه صلى الله عليه وسلم " إن لله تعالى في كل جمعة ستمائة ألف عتيق من النار " وعن كعب " إن الله فضل من البلدان مكة ومن الشهور رمضان ومن الأيام الجمعة " وقال عليه الصلاة والسلام " من مات يوم الجمعة كتب الله له أجر شهيد ووقى فتنة القبر " وفى الحديث " إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المسجد بأيديهم صحف من فضة وأقلام من ذهب يكتبون الأول فالأول على مراتبهم " وكانت الطرقات في أيام السلف وقت السحر وبعد الفجر مغتصة بالمبكرين إلى الجمعة يمشون بالسرج. وقيل أول بدعة أحدثت في الإسلام ترك البكور إلى الجمعة. وعن ابن مسعود أنه بكر فرأى ثلاثة نفر سبقوه، فاغتم وأخذ يعاتب نفسه يقول: أراك رابع أربعة وما رابع أربعة بسعيد. ولا تقام الجمعة عند أبي حنيفة رضي الله عنه إلا في مصر جامع لقوله عليه الصلاة والسلام " لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع " والمصر الجامع
(١٠٤)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»