الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٤ - الصفحة ٩٨
وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أنى رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدى القوم الفاسقين. وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين. ومن أظلم
____________________
(وإذ) منصوب بإضمار أذكر، أو وحين قال لهم ما قال كان كذا وكذا (تؤذونني) كانوا يؤذونه بأنواع الأذى من انتقاصه وعيبه في نفسه وجحود آياته وعصيانه فيما تعود إليهم منافعه وعبادتهم البقر وطلبهم رؤية الله جهرة، والتكذيب الذي هو تضييع حق الله وحقه (وقد تعلمون) في موضع الحال أي تؤذونني عالمين علما يقينا (أنى رسول الله إليكم) وقضية علمكم بذلك وموجبه تعظيمي وتوقيري لا أن تؤذوني وتستهينوا بي، لأن من عرف الله وعظمته عظم رسوله علما بأن تعظيمه في تعظيم رسوله، ولأن من أذاه كان وعيد لاحقا به (فلما زاغوا) عن الحق (أزاغ الله قلوبهم) بأن منع ألطافه عنهم (والله لا يهدى القوم الفاسقين) لا يلطف بهم لأنهم ليسوا من أهل اللطف. فإن قلت: ما معنى قد في قوله - وقد تعلمون -؟ قلت: معناه التوكيد كأنه قال: وتعلمون علما يقينا لا شبهة لكم فيه. قيل إنما قال يا بني إسرائيل ولم يقل يا قوم كما قال موسى لأنه لا نسب له فيهم فيكونوا قومه، والمعنى:
أرسلت إليكم في حال تصديقي ما تقدمني (من التوراة) وفى حال تبشيري (برسول يأتي من بعدي) يعنى أن ديني
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»