الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٨٣
أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا. انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا. تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجرى من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا. بل كذبوا بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا. إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا.
____________________
لولا بمعنى هلا، وحكمه حكم الاستفهام والرفع على أنه معطوف على أنزل ومحله الرفع، ألا تراك تقول: لولا ينزل بالرفع وقد عطف عليه يلقى وتكون مرفوعين، ولا يجوز النصب فيهما لأنهما في حكم الواقع بعد لولا ولا يكون إلا مرفوعا، والقائلون هم كفار قريش: النضر بن الحرث، وعبد الله بن أبي أمية، ونوفل بن خويلد ومن ضامهم (مسحورا) سحر فغلب على عقله، أو ذا سحر وهو الرئة عنوا أنه بشر لا ملك (ضربوا لك الأمثال) أي قالوا فيك تلك الأقوال واخترعوا لك تلك الصفات والأحوال النادرة من نبوة مشتركة بين إنسان وملك وإلقاء كنز عليك من السماء وغير ذلك، فبقوا متحيرين ضلالا لا يجدون قولا يستقرون عليه أو فضلوا عن الحق فلا يجدون طريقا إليه. تكاثر خير (الذي إن شاء) وهب لك في الدنيا (خيرا) مما قالوا وهو أن يعجل لك مثل ما وعدك في الآخرة من الجنات والقصور. وقرئ ويجعل بالرفع عطفا على جعل لان الشرط إذا وقع ماضيا جاز في جزائه الجزم والرفع كقوله:
وإن أتاه خليل يوم مسألة * يقول لا غائب مالي ولا حرم ويجوز في ويجعل لك إذا أدغمت أن تكون اللام في تقدير الجزم والرفع جميعا. وقرئ بالنصب على أنه جواب الشرط بالواو (بل كذبوا) عطف على ما حكى عنهم يقول: بل أتوا بأعجب من ذلك كله وهو تكذيبهم بالساعة.
ويجوز أن يتصل بما يليه كأنه قال: بل كذبوا بالساعة فكيف يلتفتون إلى هذا الجواب وكيف يصدقون بتعجيل مثل ما وعدك في الآخرة وهم لا يؤمنون بالآخرة؟ السعير: النار الشديدة الاستعار، وعن الحسن رضي الله عنه:
أنه اسم من أسماء جهنم (رأتهم) من قولهم دورهم تترا: أي وتتناظر، ومن قوله صلى الله عليه وسلم " لا ترا " أي ناراهما كأن بعضها يرى بعضا على سبيل المجاز والمعنى: إذا كانت منهم بمرأى الناظر في البعد سمعوا صوت غليانها،
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 86 87 88 89 ... » »»