____________________
وقيل كانوا يقولون للعالم الماهر ساحر لاسعظامهم علم السحر. بما عهد عندك بعهده عندك من أن دعوتك مستجابة، أو بعهده عندك وهو النبوة، أو بما عهد عندك فوفيت به وهو الإيمان والطاعة، أو بما عهد عندك من كشف العذاب عمن اهتدى (ونادى فرعون في قومه) جعلهم محلا لندائه وموقعا له، والمعنى: أنه أمر بالنداء في مجامعهم وأماكنهم من نادى فيها بذلك فأسند النداء إليه كقولك قطع الأمير اللص إذا أمر بقطعه، ويجوز أن يكون عنده عظماء القبط فيرجع صوته بذلك فيما بينهم ثم ينشر عنه في جموع القبط فكأنه نودي به بينهم فقال (أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار) يعنى أنهار النيل ومعظمها أربعة: نهر الملك، ونهر طولون، ونهر دمياط، ونهر تنيس. قيل كانت تجرى تحت قصره، وقيل تحت سريره لارتفاعه، وقيل بين يدي في جناني وبساتيني. ويجوز أن تكون الواو عاطفة للأنهار على ملك مصر وتجرى نصب على الحال منها، وأن تكون الواو للحال واسم الإشارة مبتدأ والأنهار صفة لاسم الإشارة وتجرى خبر للمبتدأ، وليت شعري كيف ارتقت إلى دعوة الربوبية همة من تعظم بملك مصر وعجب الناس من مدى عظمته وأمر فنودي بها في أسواق مصر وأزقتها لئلا تخفى تلك الأبهة والجلالة على صغير ولا كبير، وحتى يتربع في صدور الدهماء مقدار عزته وملكوته. وعن الرشيد أنه لما قرأها قال:
لأولينها أخس عبيدي، فولاها الخصيب وكان على وضوئه. وعن عبد الله بن طاهر أنه وليها فخرج إليها، فلما شارفها ووقع عليها بصره قال: أهي القرية التي افتخر بها فرعون حتى قال: أليس لي ملك مصر؟ والله لهى أقل عندي من أن أدخلها فثنى عنانه (أم أنا خير) أم هذه متصلة لأن المعنى أفلا تبصرون أم تبصرون، إلا أنه وضع قوله أنا خير موضع تبصرون لأنهم إذا قالوا له أنت خير فهم عنده بصراء، وهذا من إنزال السبب منزلة المسبب.
ويجوز أن تكون منقطعة على بل أأنا خير والهمزة للتقرير، وذلك أنه قدم تعديد أسباب الفضل والتقدم عليهم من ملك مصر وجرى الأنهار تحته ونادى بذلك وملأ به مسامعهم، ثم قال أنا خير كأنه يقول: أثبت عندكم واستقر أنى أنا خير وهذه حالي (من هذا الذي هو مهين) أي ضعيف حقير، وقرئ أما أنا خير (ولا يكاد يبين) الكلام لما به من الرتة، يريد أنه ليس معه من العدد وآلات الملك والسياسة ما يعتضد به وهو في نفسه مخل بما ينعت به
لأولينها أخس عبيدي، فولاها الخصيب وكان على وضوئه. وعن عبد الله بن طاهر أنه وليها فخرج إليها، فلما شارفها ووقع عليها بصره قال: أهي القرية التي افتخر بها فرعون حتى قال: أليس لي ملك مصر؟ والله لهى أقل عندي من أن أدخلها فثنى عنانه (أم أنا خير) أم هذه متصلة لأن المعنى أفلا تبصرون أم تبصرون، إلا أنه وضع قوله أنا خير موضع تبصرون لأنهم إذا قالوا له أنت خير فهم عنده بصراء، وهذا من إنزال السبب منزلة المسبب.
ويجوز أن تكون منقطعة على بل أأنا خير والهمزة للتقرير، وذلك أنه قدم تعديد أسباب الفضل والتقدم عليهم من ملك مصر وجرى الأنهار تحته ونادى بذلك وملأ به مسامعهم، ثم قال أنا خير كأنه يقول: أثبت عندكم واستقر أنى أنا خير وهذه حالي (من هذا الذي هو مهين) أي ضعيف حقير، وقرئ أما أنا خير (ولا يكاد يبين) الكلام لما به من الرتة، يريد أنه ليس معه من العدد وآلات الملك والسياسة ما يعتضد به وهو في نفسه مخل بما ينعت به