الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٨١
إن الانسان لكفور مبين * أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين
____________________
سألتهم عن خالق السماوات والأرض ليعترفن به وقد جعلوا له مع ذلك الاعتراف من عباده جزءا فوصفوه بصفات المخلوقين، ومعنى من عباده جزءا أن قالوا الملائكة بنات الله فجعلوهم جزءا له وبعضا منه كما يكون الولد بضعة من والده وجزءا له. ومن بدع التفاسير تفسير الجزء بالإناث، وادعاء أن الجزء في لغة العرب اسم للإناث، وما هو إلا كذب على العرب ووضع مستحدث منحول، ولم يقنعهم ذلك حتى اشتقوا منه أجزأت المرأة ثم صنعوا بيتا وبيتا:
إن أجزأت حرة يوما فلا عجب * زوجتها من بنات الأوس مجزئة وقرئ جزؤا بضمتين (لكفور مبين) لجحود للنعمة ظاهر جحوده، لأن نسبة الولد إليه كفر والكفر أصل الكفران كله (أم اتخذ) بل اتخذوا، الهمزة للانكار تجهيلا لهم وتعجيبا من شأنهم حيث لم يرضوا بأن جعلوا لله من عباده جزءا حتى جعلوا ذلك الجزء شر الجزءين وهو الإناث دون الذكور على أنهم أنفر خلق الله عن الإناث أمقتهم لهن، ولقد بلغ بهم المقت إلى أن وأدوهن كأنه قيل: هبوا أن إضافة اتخاذ الولد إليه جائزة فرضا وتمثيلا،
(٤٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 ... » »»