الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٩٥
واتبعون هذا صراط مستقيم * ولا يصدنكم الشيطان إنه لكم عدو مبين * ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولا بين لكم بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون * إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم * فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم * هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون * الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين * يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون * الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين * ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون * يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون
____________________
وهى الشك (واتبعون) واتبعوا هداي وشرعي أو رسولي، وقيل هذا أمر لرسول الله أن يقوله (هذا صراط مستقيم) أي هذا الذي أدعوكم إليه، أو هذا القرآن إن جعل الضمير في وإنه القرآن (عدو مبين) قد أبانت عداوته لكم إذ أخرج أباكم من الجنة ونزع عنه لباس النور (بالبينات) بالمعجزات أو بآيات الإنجيل والشرائع البينات الواضحات (بالحكمة) يعنى الإنجيل والشرائع. فإن قلت: هلا بين لهم كل الذي يختلفون فيه ولكن بعضه؟ قلت: كانوا يختلفون في الديانات وما يتعلق بالتكليف وفيما سوى ذلك مما لم يتعبدوا بمعرفته والسؤال عنه، وإنما بعث ليبين لهم ما اختلفوا فيه مما يعنيهم من أمر دينهم (الأحزاب) الفرق المتحزبة بعد عيسى، وقيل اليهود والنصارى (فويل للذين ظلموا) وعيد للأحزاب. فإن قلت: من بينهم إلى من يرجع الضمير فيه؟ قلت: إلى الذين خاطبهم عيسى في قوله قد جئتكم بالحكمة وهم قومه المبعوث إليهم (أن تأتيهم) بدل من الساعة، والمعنى: هل ينظرون إلا إتيان الساعة. فإن قلت: أما أدى قوله (بغتة) مؤدى قوله (وهم لا يشعرون) فيستغنى عنه؟ قلت: لا، لأن معنى قوله تعالى - وهم لا يشعرون - وهم غافلون لاشتغالهم بأمور دنياهم كقوله تعالى - تأخذهم وهم يخصمون - ويجوز أن تأتيهم بغتة وهم فطنون (يومئذ) منصوب بعدو: أي تنقطع في ذلك اليوم كل خالة بين المتخالين في غير ذات الله وتنقلب عداوة ومقتا إلا خلة المتصادقين في الله فإنها الخلة الباقية المزدادة قوة إذا رأوا ثواب التحاب في الله تعالى والتباغض في الله، وقيل (إلا المتقين) إلا المجتنبين أخلاء السوء، وقيل نزلت في أبي بن خلف وعقبة بن أبي معيط (يا عبادي) حكاية لما ينادى به المتقون المتحابون في الله يومئذ. و (الذين آمنوا) منصوب المحل صفة لعبادي لأنه منادى مضاف أي الذين صدقوا (بآياتنا وكانوا مسلمين) مخلصين وجوههم لنا جاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا. وقيل إذا بعث الله الناس فزع كل أحد فينادى مناديا عبادي فيرجوها الناس كلهم ثم يتبعها الذين آمنوا فييأس الناس منها غير المسلمين. وقرئ يا عباد (تحبرون) تسرون سرورا يظهر حباره: أي أثره على وجوهكم كقوله تعالى - تعرف في وجوههم نضرة النعيم - وقال الزجاج: تكرمون إكراما يبالغ فيه، والحبرة المبالغة فيما وصف بجميل، والكوب الكوز لا عروة له (وفيها) الضمير للجنة. وقرئ تشتهى وتشتهيه وهذا حصر لأنواع
(٤٩٥)
مفاتيح البحث: الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 490 491 492 493 494 495 496 497 498 499 500 ... » »»