الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٨٨
* ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون * حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين
____________________
لمن مشى مشية العرجان من غير عرج. قال الحطيئة * متى تأته تعشو إلى ضوءد \ ناره * أي تنظر إليها نظر العشى لما يضعف بصرك من عظم الوقود واتساع الضوء وهو بين في قول حاتم:
أعشو إذا ما جارتي برزت * حتى يوارى جارتي الخدر وقرئ يعشو على أن من موصولة غير مضمنة معنى الشرط، وحق هذا القارئ أن يرفع نقيض، ومعنى القراءة بالفتح ومن يعم (عن ذكر الرحمن) وهو القرآن كقوله تعالى - صم بكم عمى - وأما القراءة بالضم فمعناها ومن يتعام عن ذكره: أي يعرف أنه الحق وهو يتجاهل ويتغابى كقوله تعالى - وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم - (نقيض له شيطانا) نخذله ونخل بينه وبين الشياطين كقوله تعالى - وقيضنا لهم قرناء، ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين - وقرئ يقيض: أي يقيض له الرحمن ويقيض له الشيطان، فإن قلت: لم جمع ضمير من وضمير الشيطان في قوله (وإنهم ليصدونهم)؟ قلت: لأن من مبهم في جنس العاشى وقد قيض له شيطان مبهم في جنسه، فلما جاز أن يتناول لإبهامهما غير واحدين جاز أن يرجع الضمير إليهما مجموعا (حتى إذا جاءنا) العاشي، وقرئ جا آنا على أن الفعل له ولشيطانه (قال) لشيطانه (يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين) يريد المشرق والمغرب فغلب
(٤٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 ... » »»