____________________
التخفيف وفي عقبه كذلك وفي عاقبه: أي فيمن عقبه: أي خلفه (بل متعت هؤلاء) يعنى أهل مكة وهم من عقب إبراهيم بالمد في العمر والنعمة فاغتروا بالمهملة وشغلوا بالتنعم واتباع الشهوات وطاعة الشيطان عن كلمة التوحيد (حتى جاءهم الحق) وهو القرآن (ورسول مبين) الرسالة واضحها بما معه من الآيات البينة فكذبوا به وسموه ساحرا وما جاء به سحرا ولم يوجد منهم ما رجاه إبراهيم، وقرئ بل متعنا. فإن قلت: فما وجه قراءة من قرأ متعت بفتح التاء؟ قلت: كأن الله تعالى اعترض على ذاته في قوله - وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون - فقال: بل متعتهم بما متعتهم به من طول العمر والسعة في الرزق حتى شغلهم ذلك عن كلمة التوحيد، وأراد بذلك الإطناب في تعبيرهم لأنه إذا متعهم بزيادة النعم وجب عليهم أن يجعلوا ذلك سببا في زيادة الشكر والثبات على التوحيد والإيمان، لا أن يشركوا به ويجعلوا له أندادا، فمثاله أن يشكو الرجل إساءة من أحسن إليه ثم يقبل على نفسه فيقول أنت السبب في ذلك بمعروفك وإحسانك، وغرضه بهذا الكلام توبيخ المسئ لا تقبيح فعله. فإن قلت: قد جعل مجئ الحق والرسول غاية التمتيع ثم أردفه قوله (ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر) فما طريقة هذا النظم ومؤداه؟ قلت: المراد بالتمتيع ما هو سبب له وهو اشتغالهم بالاستمتاع عن التوحيد ومقتضياته فقال عز وعلا:
بل اشتغلوا عن التوحيد حتى جاءهم الحق ورسول مبين، فخيل بهذه الغاية أنهم تنبهوا عندها عن غفلتهم لاقتضائها التنبه، ثم ابتدأ قصتهم عند مجئ الحق فقال: ولما جاءهم الحق جاءوا بما هو شر من غفلتهم التي كانوا عليها، وهو أن ضموا إلى شركهم معاندة الحق ومكابرة الرسول ومعاداته والاستخفاف بكتاب الله وشرائعه والإصرار على أفعال الكفرة والاحتكام على حكمة الله في تخير محمد من أهل زمانه بقولهم (لولا نزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم) وهى الغاية في تشويه صورة أمرهم. قرئ على رجل بسكون الجيم من القريتين من إحدى القريتين كقوله تعالى - يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان - أي من أحدهما والقريتان مكة والطائف. وقيل من رجلي القريتين وهما الوليد بن المغيرة المخزومي وحبيب بن عمرو بن عمير الثقفي عن ابن عباس، وعن مجاهد عتبة بن ربيعة وكنانة ابن عبد يا ليل، وعن قتادة الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي، وكان الوليد يقول: لو كان حقا ما يقول محمد لنزل هذا القرآن على أو على أبى مسعود الثقفي. وأبو مسعود كنية عروة بن مسعود، ما زالوا ينكرون أن يبعث الله بشرا رسولا، فلما علموا بتكرير الله الحجج أن الرسل لم يكونوا إلا رجالا من أهل القرى جاءوا بالإنكار من وجه آخر وهو تحكمهم أن يكون أحد هذين وقولهم هذا القرآن ذكر له على وجه الاستهانة به، وأرادوا بعظم الرجل رياسته وتقدمه في الدنيا، وعزب عن عقولهم أن العظيم من كان عند الله عظيما (أهم يقسمون رحمت ربك
بل اشتغلوا عن التوحيد حتى جاءهم الحق ورسول مبين، فخيل بهذه الغاية أنهم تنبهوا عندها عن غفلتهم لاقتضائها التنبه، ثم ابتدأ قصتهم عند مجئ الحق فقال: ولما جاءهم الحق جاءوا بما هو شر من غفلتهم التي كانوا عليها، وهو أن ضموا إلى شركهم معاندة الحق ومكابرة الرسول ومعاداته والاستخفاف بكتاب الله وشرائعه والإصرار على أفعال الكفرة والاحتكام على حكمة الله في تخير محمد من أهل زمانه بقولهم (لولا نزل هذا القران على رجل من القريتين عظيم) وهى الغاية في تشويه صورة أمرهم. قرئ على رجل بسكون الجيم من القريتين من إحدى القريتين كقوله تعالى - يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان - أي من أحدهما والقريتان مكة والطائف. وقيل من رجلي القريتين وهما الوليد بن المغيرة المخزومي وحبيب بن عمرو بن عمير الثقفي عن ابن عباس، وعن مجاهد عتبة بن ربيعة وكنانة ابن عبد يا ليل، وعن قتادة الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي، وكان الوليد يقول: لو كان حقا ما يقول محمد لنزل هذا القرآن على أو على أبى مسعود الثقفي. وأبو مسعود كنية عروة بن مسعود، ما زالوا ينكرون أن يبعث الله بشرا رسولا، فلما علموا بتكرير الله الحجج أن الرسل لم يكونوا إلا رجالا من أهل القرى جاءوا بالإنكار من وجه آخر وهو تحكمهم أن يكون أحد هذين وقولهم هذا القرآن ذكر له على وجه الاستهانة به، وأرادوا بعظم الرجل رياسته وتقدمه في الدنيا، وعزب عن عقولهم أن العظيم من كان عند الله عظيما (أهم يقسمون رحمت ربك