____________________
ما أنزل إليكم من ربكم) مثل قوله - الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه - (وأنتم لا تشعرون) أي يفجؤكم وأنتم غافلون كأنكم لا تخشون شيئا لفرط غفلتكم وسهوكم (أن تقول نفس) كراهة أن تقول. فإن قلت: لم نكرت؟
قلت: لأن المراد بها بعض الأنفس وهى نفس الكافر، ويجوز أن يراد نفس متميزة من الأنفس إما بلجاج في الكفر شديد أو بعذاب عطيم، ويجوز أن يراد التكثير، كما قال الأعشى:
ورب بقيع لو هتفت بجوه * أتاني كريم ينفض الرأس مغضبا وهو يريد أفواجا من الكرام ينصرونه لا كريما واحدا، ونظيره رب بلد قطعت ورب بطل قارعت وقد اختلس الطعنة ولا يقصد إلا التكثير. وقرئ يا حسرتي على الأصل ويا حسرتاي على الجمع بين العوض والمعوض منه. والجنب الجانب، يقال أنا في جنب فلا وجانبه وناحيته وفلان لين الجنب والجانب ثم قالوا: فرط في جنبه وفى جانبه يريدون في حقه، قال سابق البربري:
أما تتقين الله في جنب وامق * له كبد حرى عليك تقطع وهذا من باب الكناية لأنك إذا أثبت الأمر في مكان الرجل وحيزه فقد أثبته فيه، ألا ترى إلى قوله:
إن السماحة والمرؤة والندى * في قبة ضربت على ابن الحشرج ومنه قول الناس لمكانك فعلت كذا يريدون لأجلك، وفي الحديث " من الشرك الخفي أن يصلى الرجل لمكان الرجل " وكذلك فعلت هذا من جهتك فمن حيث لم يبق فرق فيما يرجع إلى أداء الغرض بين ذكر المكان وتركه، قيل (فرطت في جنب الله) على معنى فرطت في ذات الله: فإن قلت: فمر جع كلامك إلى أن ذكر الجنب كلا ذكر سوى ما يعطى من حسن الكناية وبلاغتها فكأنه قيل فرطت في الله فما معنى فرطت في الله؟ قلت: لابد من تقدير مضاف محذوف سواء ذكر الجنب أولم يذكر، والمعنى: فرطت في طاعة الله وما أشبه ذلك، وفي حرف عبد الله وحفصة في ذكر الله. وما في فرطت مصدرية مثلها في بما رحبت (وإن كنت لمن الساخرين) قال قتادة لم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها ومحل وإن كنت النصب على الحال كأنه قال فرطت وأنا ساخر:
أي فرطت في حال سخريتي. وروى أنه كان في بني إسرائيل عالم ترك علمه وفسق وأتاه إبليس وقال له تمتع من الدنيا ثم تب فأطاعه، وكان له مال فأنفقه في الفجور، فأتاه ملك الموت في ألذ ما كان فقال: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله، ذهب عمري في طاعة الشيطان وأسخطت ربى، فندم حين لم ينفعه الندم، فأنزل الله خبره في القرآن (لو أن الله هداني) لا يخلوا إما أن يريد به الهداية بالإلجاء أو بالإلطاف أو بالوحي، فالإلجاء خارج عن الحكمة ولم
قلت: لأن المراد بها بعض الأنفس وهى نفس الكافر، ويجوز أن يراد نفس متميزة من الأنفس إما بلجاج في الكفر شديد أو بعذاب عطيم، ويجوز أن يراد التكثير، كما قال الأعشى:
ورب بقيع لو هتفت بجوه * أتاني كريم ينفض الرأس مغضبا وهو يريد أفواجا من الكرام ينصرونه لا كريما واحدا، ونظيره رب بلد قطعت ورب بطل قارعت وقد اختلس الطعنة ولا يقصد إلا التكثير. وقرئ يا حسرتي على الأصل ويا حسرتاي على الجمع بين العوض والمعوض منه. والجنب الجانب، يقال أنا في جنب فلا وجانبه وناحيته وفلان لين الجنب والجانب ثم قالوا: فرط في جنبه وفى جانبه يريدون في حقه، قال سابق البربري:
أما تتقين الله في جنب وامق * له كبد حرى عليك تقطع وهذا من باب الكناية لأنك إذا أثبت الأمر في مكان الرجل وحيزه فقد أثبته فيه، ألا ترى إلى قوله:
إن السماحة والمرؤة والندى * في قبة ضربت على ابن الحشرج ومنه قول الناس لمكانك فعلت كذا يريدون لأجلك، وفي الحديث " من الشرك الخفي أن يصلى الرجل لمكان الرجل " وكذلك فعلت هذا من جهتك فمن حيث لم يبق فرق فيما يرجع إلى أداء الغرض بين ذكر المكان وتركه، قيل (فرطت في جنب الله) على معنى فرطت في ذات الله: فإن قلت: فمر جع كلامك إلى أن ذكر الجنب كلا ذكر سوى ما يعطى من حسن الكناية وبلاغتها فكأنه قيل فرطت في الله فما معنى فرطت في الله؟ قلت: لابد من تقدير مضاف محذوف سواء ذكر الجنب أولم يذكر، والمعنى: فرطت في طاعة الله وما أشبه ذلك، وفي حرف عبد الله وحفصة في ذكر الله. وما في فرطت مصدرية مثلها في بما رحبت (وإن كنت لمن الساخرين) قال قتادة لم يكفه أن ضيع طاعة الله حتى سخر من أهلها ومحل وإن كنت النصب على الحال كأنه قال فرطت وأنا ساخر:
أي فرطت في حال سخريتي. وروى أنه كان في بني إسرائيل عالم ترك علمه وفسق وأتاه إبليس وقال له تمتع من الدنيا ثم تب فأطاعه، وكان له مال فأنفقه في الفجور، فأتاه ملك الموت في ألذ ما كان فقال: يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله، ذهب عمري في طاعة الشيطان وأسخطت ربى، فندم حين لم ينفعه الندم، فأنزل الله خبره في القرآن (لو أن الله هداني) لا يخلوا إما أن يريد به الهداية بالإلجاء أو بالإلطاف أو بالوحي، فالإلجاء خارج عن الحكمة ولم