الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٤٠٨
وكن من الشاكرين * وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون
____________________
منه (وكن من الشاكرين) على ما أنعم به عليك من أن جعلك سيد ولد آدم، وجوز الفراء نصبه بفعل مضمر هذا معطوف عليه تقديره بل الله أعبد فاعبد. لما كان العظيم من الأشياء إذا عرفه الإنسان حق معرفته وقدره في نفسه حق تقديره عظمه حق تعظيمه، قيل (وما قدروا الله حق قدره) وقرئ بالتشديد على معنى وما عظموه كنه تعظيمه. ثم نبههم على عظمته وجلالة شأنه على طريقة التخييل فقال (والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه) والغرض من هذا الكلام إذا أخذته كما هو بجملته ومجموعه تصوير عظمته والتوقيف على كنه جلاله لاغير من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين إلى جهة حقيقة أو جهة مجاز، وكذلك حكم ما يروى " أن جبريل (1) جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:: يا أبا القاسم إن الله يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والشجر على إصبع والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا مما قال ثم قرأ تصديقا له - وما قدروا الله حق قدره - الآية " وإنما ضحك أفصح العرب صلى الله عليه وسلم وتعجب لأنه لم يفهم منه إلا

(1) قوله (أن جبريل) هكذا في عامة النسخ، والصواب أن حبرا من أحبار اليهود كما في البخاري ومسلم، كتبه مصححه.
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»