____________________
يكن من أهل الإلطاف فيلطف به، وأما الوحي فقد كان ولكنه أعرض لوم يتبعه حتى يهتدى، وإنما يقول هذا تحيرا في أمره وتعللا بما لا يجدى عليه كما حكى عنهم التعلل بإغواء الرؤساء والشياطين ونحو ذلك، ونحوه - لو هدانا الله لهديناكم - وقوله (بلى قد جاءتك آياتي) رد من الله عليه معناه: بلى قد هديت بالوحي فكذبت به واستكبرت عن قبوله وآثرت الكفر على الإيمان والضلالة على الهدى. وقرئ بكسر التاء على مخاطبة النفس. فإن قلت: هلا قرن الجواب بما هو جواب له وهو قوله - لو أن الله هداني - ولم يفصل بينهما بآية. قلت: لأنه لا يخلو إما أن يقدم على أخرى القرائن الثلاث فيفرق بينهن وإما أن تؤخر القرينة الوسطى فلم يحسن الأول لما فيه من تبتير النظم بالجمع بين القرائن. وأما الثاني فلما فيه من نقض الترتيب وهو التحسر على التفريط في الطاعة ثم التعلل بفقد الهداية ثم تمنى الرجعة، فكان الصواب ما جاء عليه وهو أنه حكى أقوال النفس على ترتيبها ونظمها ثم أجاب من بينها عما اقتضى الجواب. فإن قلت: كيف صح أن تقع بلى جوابا لغير منفى؟ قلت: لو أن الله هداني فيه معنى ما هديت (كذبوا على الله) وصفوه بما لا يجوز عليه تعالى وهو متعال عنه فأضافوا إليه الولد والشريك وقالوا - هؤلاء شفعاؤنا - وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم - وقالوا - والله أمرنا بها - ولا يبعد عنهم قوم يسفهونه بفعل القبائح وتجويز أن يخلق خلقا لا لغرض ويؤلم لا لعوض ويظلمونه بتكليف