____________________
امشوا بغير أن على إضمار القول. وعن ابن مسعود: وانطلق الملأ منهم يمشون أن اصبروا (في الملة الآخرة) في ملة عيسى التي هي آخر الملل لأن النصارى يدعونها وهم مثلثة غير موحدة، أو في ملة قريش التي أدركنا عليها آباءنا، أو ما سمعنا بهذا كائنا في الملة الآخرة على أن يجعل في الملة الآخرة حالا من هذا ولا تعلقه بما سمعنا كما في الوجهين، والمعنى: إنا لم نسمع من أهل الكتاب ولا من الكهان أنه يحدث في الملة الآخرة توحيد الله، ما (هذا إلا اختلاق) أي افتعال وكذب. أنكروا أن يختص بالشرف من بين أشرافهم ورؤسائهم وينزل عليه الكتاب من بينهم كما قالوا - لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم - وهذا الإنكار ترجمة عما كانت تغلى به صدورهم من الحسد على ما أوتى من شرف النبوة من بينهم (بل هم في شك) من القرآن يقولون في أنفسهم إما وإما، وقولهم إن هذا إلا اختلاق كلام مخالف لاعتقادهم فيه يقولونه على سبيل الحسد (بل لما يذوقوا عذاب) بعد، فإذا ذاقوه زال عنهم ما بهم من الشك والحسد حينئذ: يعنى أنهم لا يصدقون به إلا أن يمسهم العذاب مضطرين إلى تصديقه (أم عندهم خزائن رحمة ربك) يعنى ما هم بمالكي خزائن الرحمة حتى يصيبوا بها من شاءوا ويصرفوها عمن شاءوا ويتخيروا للنبوة بعض صناديدهم ويترفعوا بها عن محمد عليه الصلاة والسلام، وإنما الذي يملك الرحمة وخزائنها العزيز القاهر على خلقه الوهاب الكثير المواهب المصيب بها مواقعها الذي يقسمها على ما تقتضيه حكمته وعدله كما قال - أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا - ثم رشح هذا المعنى فقال (أم لهم ملك السماوات والأرض) حتى يتكلموا في الأمر الربانية والتدابير الإلهية التي يختص بها رب العزة والكبرياء. ثم تهكم بهم غاية التهكم فقال: وإن كانوا يصلحون لتدبير الخلائق والتصرف في قسمة الرحمة وكانت عندهم الحكمة التي يميزون بها بين من هو حقيق بإيتاء النبوة دون من لا تحق له (فليرتقوا في الأسباب) فليصعدوا في المعارج والطرق التي يتوصل بها إلى العرش حتى