الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣٦٤
والطير محشورة
____________________
وهى وقت الضحى، وأما شروقها فطلوعها، يقال شرقت الشمس ولما تشرق. وعن أم هانئ " دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بوضوء فتوضأ ثم صلى صلاة الضحى وقال: يا أم هانئ هذه صلاة الإشراق " وعن طاوس عن ابن عباس قال: هل تجدون ذكر صلاة الضحى في القرآن؟ قالوا لا، فقرأ - إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق - وقال: كانت صلاة يصليها داود عليه السلام، وعنه: ما عرفت صلاة الضحى إلا بهذه الآية، وعنه: لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شئ حتى طلبتها فوجدتها في هذه الآية يسبحن بالعشى والإشراق. وكان لا يصلى صلاة الضحى ثم صلاها بعد. وعن كعب أنه قال لابن عباس: إني لا أجد في كتب الله صلاة بعد طلوع الشمس فقال: أنا أوجدك ذلك في كتاب الله تعالى: يعنى هذه الآية.
ويحتمل أن يكون من أشرق القوم إذا ذخلوا في الشروق، ومنه قوله تعالى - أخذتهم الصيحة مشرقين - وقول أهل الجاهلية: أشرق ثبير، ويراد وقت صلاة الفجر لانتهائه بالشروق. ويسبحن في معنى ومسبحات على الحال.
فإن قلت: هل من فرق بين يسبحن ومسبحات؟ قلت: نعم، وما اختير يسبحن على مسبحات إلا لذلك وهو الدلالة على حدوث التسبيح من الجبال شيئا بعد شئ وحالا بعد حال وكأن السمع محاضر تلك الحال يسمعها تسبح ومثله قول الأعشى: * إلى ضوء نار في يفاع تحرق * ولو قال محرقة لم يكن شيئا، وقوله (محشورة) في مقابلة يسبحن إلا أنه لما لم يكن في الحشر ما كان في التسبيح من إرادة الدلالة على الحدوث شيئا بعد شئ جئ به
(٣٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 359 360 361 362 363 364 365 366 368 369 370 ... » »»