الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣٦٢
* جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب * كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وفرعون ذو الأوتاد * وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة أولئك الأحزاب
____________________
يستووا عليه ويدبروا أمر العالم وملكوت الله وينزلوا الوحي إلى من يختارون ويستصوبون، ثم خسأهم خساءة عن ذلك بقوله (جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب) يريد ما هم إلا جيش من الكفار المتحزبين على رسل الله مهزوم مكسور عما قريب فلا تبال بما يقولون ولا تكترث لما به يهزؤون، وما مزيدة وفيها معنى الاستعظام كما في قول امرئ القيس * وحديث ما على قصره * إلا أنه على سبيل الهزء، وهنالك إشارة إلى حيث وضعوا فيه إنقسهم من الانتداب لمثل ذلك القول العظيم من قولهم لمن ينتدب لأمر ليس من أهله: لست هنالك (ذو الأوتاد) أصله من ثبات البيت المطنب بأوتاده، قال:
والبيت لا يبتنى إلا على عمد * ولا عماد إذا لم ترس أوتاد فاستعير لثبات العز والملك واستقامة الأمر كما قال الأسود * في ظل ملك ثابت الأوتاد * وقيل كان يشبح المعذب بين أربع سوار كل طرف من أطرافه إلى سارية مضروب فيه وتد من حديد ويتركه حتى يموت، وقيل كان يمده بيم أربعة أوتاد في الأرض ويرسل عليه العقارب والحيات. وقيل كانت له أوتاد وحبال يلعب بها بين يديه (أولئك الأحزاب) قصد بهذه الإشارة الإعلام بأن الأحزاب الذين جعل الجند المهزوم منهم هم هم، وأنهم هم الذين وجد منهم التكذيب، ولقد ذكر تكذيبهم أولا في الجملة الخبرية على وجه الإيهام، ثم جاء بالجملة الاستثنائية فأوضحه فيها بأن كل واحد من الأحزاب كذب جميع الرسل لأنهم إذا كذبوا واحدا منهم فقد كذبوهم جميعا. وفى تكرير التكذيب وإيضاحه بعد إبهامه والتنويع في تكريره بالجملة الخبرية أولا وبالاستثنائية ثانيا وما في الاستثنائية من الوضع على وجه التوكيد والتخصيص أنواع من المبالغة المسجلة عليهم باستحقاق أشد العقاب
(٣٦٢)
مفاتيح البحث: الكذب، التكذيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 368 ... » »»