____________________
أن خطب على خطبة أخيه المؤمن مع كثرة نسائه. وأما ما يذكر أن داود عليه السلام تمنى منزلة آبائه إبراهيم وإسحق ويعقوب فقال: يا رب إن آبائي قد ذهبوا بالخير كله، فأوحى إليه أنهم ابتلوا ببلايا فصبروا عليها، قد ابتلى إبراهيم بنمرود وذرح ولده وإسحق بذبحه وذهاب بصره ويعقوب بالحزن على يوسف، فسأل الابتلاء، فأوحى الله إليه إنك لمبتلى في يوم كذا وكذا فاحترس، فلما حان ذلك اليوم دخل محرابه وأغلق بابه وجعل يصلى ويقرأ الزبور، فجاءه الشيطان في صورة حمامة من ذهب، فمديده يأخذها لابن له صغير فطارت، فامتد إليها فطارت، فوقعت في كوة فتبعها فأبصر امرأة جميلة قد نقضت شعرها فغطى بدنها وهى امرأة أوريا وهو من غزاة البلقاء، فكتب إلى أيوب بن صوريا وهو صاحب بعث البلقاء أن ابعث أوريا وقدمه على التابوت، وكان من يتقدم على التابوت لا يحل له أن يرجع حتى يفتح الله على يده أو يستشهد، ففتح الله على يده وسلم، فأمر برده مرة أخرى وثالثة حتى قتل، فأتاه خبر قتله فلم يحزن كما كان يحزن على الشهداء وتزوج امرأته، فهذا ونحوه مما يقبح أن يحدث به عن بعض المتسمين بالصلاح من أفناء المسلمين فضلا عن بعض أعلام الأنبياء. وعن سعيد بن المسيب والحرث الأعور:
أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين وهو حد الفرية على الأنبياء. وروى أنه حدث بذلك عمر بن عبد العزيز وعنده رجل من أهل الحق فكذب المحدث به وقال: إن كانت القصة على ما في كتاب الله فما ينبغي أن يلتمس خلافها وأعظم بأن يقال غير ذلك، وإن كانت على ما ذكرت وكف الله عنها سترا على نبيه فما ينبغي إظهارها عليه، فقال عمر: لسماعي هذا الكلام أحب إلى مما طلعت عليه الشمس. والذي يدل عليه المثل الذي ضربه الله لقصته عليه السلام ليس إلا طلبه إلى زوج المرأة أن ينزل له عنها فحسب. فإن قلت: لم جاءت على طريقة التمثيل والتعريض دون التصريح؟ قلت: لكونها أبلغ في التوبيخ من قبل أن التأمل إذا أداه إلى الشعور بالمعرض به كان أوقع في نفسه وأشد تمكنا من قلبه وأعظم أثرا فيه وأجلب لاحتشامه وحيائه وأدعى إلى التنبه على الخطأ فيه من أن يباده به صريحا مع مراعاة حسن الأدب بترك المجاهرة، ألا ترى إلى الحكماء كيف أوصوا في سياسة الولد إذا وجدت منه هنة منكرة بأن يعرض له بإنكارها عليه ولا يصرح وأن تحكى له حكاية ملاحظة لحاله إذا تأملها استسمج حال صاحب الحكاية فاستسمج حال نفسه وذلك أزجر له، لأنه ينصب ذلك مثالا لحاله ومقياسا لشأنه فيتصور قبح ما وجد منه بصورة مكشوفة مع أنه أصون لما بين الوالد والولد من حجاب الحشمة. فإن قلت: فلم كان ذلك على وجه التحاكم إليه؟ قلت ليحكم بما حكم به من قوله - لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه - حتى يكون محجوجا بحكمه ومعترفا على نفسه بظلمه (وهل أتاك نبأ الخصم) ظاهره الاستفهام، ومعناه الدلالة على أنه من الأنباء العجيبة التي حقها أن تشيع ولا تخفى على أحد
أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين وهو حد الفرية على الأنبياء. وروى أنه حدث بذلك عمر بن عبد العزيز وعنده رجل من أهل الحق فكذب المحدث به وقال: إن كانت القصة على ما في كتاب الله فما ينبغي أن يلتمس خلافها وأعظم بأن يقال غير ذلك، وإن كانت على ما ذكرت وكف الله عنها سترا على نبيه فما ينبغي إظهارها عليه، فقال عمر: لسماعي هذا الكلام أحب إلى مما طلعت عليه الشمس. والذي يدل عليه المثل الذي ضربه الله لقصته عليه السلام ليس إلا طلبه إلى زوج المرأة أن ينزل له عنها فحسب. فإن قلت: لم جاءت على طريقة التمثيل والتعريض دون التصريح؟ قلت: لكونها أبلغ في التوبيخ من قبل أن التأمل إذا أداه إلى الشعور بالمعرض به كان أوقع في نفسه وأشد تمكنا من قلبه وأعظم أثرا فيه وأجلب لاحتشامه وحيائه وأدعى إلى التنبه على الخطأ فيه من أن يباده به صريحا مع مراعاة حسن الأدب بترك المجاهرة، ألا ترى إلى الحكماء كيف أوصوا في سياسة الولد إذا وجدت منه هنة منكرة بأن يعرض له بإنكارها عليه ولا يصرح وأن تحكى له حكاية ملاحظة لحاله إذا تأملها استسمج حال صاحب الحكاية فاستسمج حال نفسه وذلك أزجر له، لأنه ينصب ذلك مثالا لحاله ومقياسا لشأنه فيتصور قبح ما وجد منه بصورة مكشوفة مع أنه أصون لما بين الوالد والولد من حجاب الحشمة. فإن قلت: فلم كان ذلك على وجه التحاكم إليه؟ قلت ليحكم بما حكم به من قوله - لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه - حتى يكون محجوجا بحكمه ومعترفا على نفسه بظلمه (وهل أتاك نبأ الخصم) ظاهره الاستفهام، ومعناه الدلالة على أنه من الأنباء العجيبة التي حقها أن تشيع ولا تخفى على أحد