____________________
وأبلغه. ثم قال (فحق عقاب) أي فوجب لذلك أن أعاقبهم حق عقابهم (هؤلاء) أهل مكة، ويجوز أن يكون إشارة إلى جميع الأحزاب لاستحضارهم بالذكر، أو لأنهم كالحضور عند الله. والصيحة النفخة (ما لها من فواق) وقرئ بالضم، ما لها من توقف مقدار فواق وهو ما بين حلبتي الحالب ورضعتي الراضع: يعنى إذا جاء وقتها لم تستأخر هذا القدر من الزمان كقوله تعالى - فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة - وعن ابن عباس: ما لها من رجوع وتزداد، من أفاق المريض إذا رجع إلى الصحة وفواق الناقة: ساعة ترجع الدر إلى ضرعها، يريد أنها نفخة واحدة فحسب لا تثنى ولا تردد. القط: القسط من الشئ لأنه قطعة منه من قطه إذا قطه، يقال لصحيفة الجائزة قط لأنها قطعة من القرطاس، وقد فسر بهما قوله تعالى (عجل لنا قطنا) أي نصيبنا من العذاب الذي وعدته كقوله تعالى - ويستعجلونك بالعذاب - وقيل ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعد الله المؤمنين الجنة فقالوا على سبيل الهزء: عجل لنا نصيبنا منها، أو عجل لنا صحيفة أعمالنا ننظر فيها. فإن قلت: كيف تطابق قوله (اصبر على ما يقولون) وقوله (واذكر عبدنا داود) حتى عطف أحدهما على صاحبه. قلت: كأنه قال لنبيه عليه الصلاة والسلام: اصبر على ما يقولون وعظم أمر معصية الله في أعينهم بذكر قصة داود وهو أنه نبي من أنبياء الله تعالى قد أولاه ما أولاه من النبوة والملك لكرامته عليه وزلفته لديه، ثم زل زلة فبعث إليه الملائكة ووبخه عليها على طريق التمثيل والتعريض حتى فطن لما وقع فيه فاستغفر وأناب، ووجد منه ما يحكى من بكائه الدائم وغمه الواصب ونقش جنايته في بطن كفه حتى لا يزال يجدد النظر إليها والندم عليها، فما الظن بكم مع كفركم ومعاصيكم. أو قال له صلى الله عليه وسلم: اصبر على ما يقولون وصن نفسك وحافظ عليها أن تزل فيما كلفت من مصابرتهم وتحمل أذاهم واذكر أخاك داود وكرامته على الله كيف زل تلك الزلة اليسيرة فلقى من توبيخ الله وتظليمه ونسبته إلى البغى ما لقى (ذا الأيد) ذا القوة في الدين المضطلع بمشاقه وتكاليفه، كان على نهوضه بأعباء النبوة والملك يصوم يوما ويفطر يوما وهو أشد الصوم ويقوم نصف الليل، يقال فلان أيد وذو أيد وذو آد، وأياد كل شئ ما يتقوى به (أواب) تواب رجاع إلى مرضاة الله. فإن قلت: ما دلك على أن الأيد القوة في الدين؟ قلت: قوله تعالى - أنه أواب - لأنه تعليل لذي الأيد (والإشراق) ووقت الإشراق وهو حين تشرق الشمس: أي تضئ ويصفو شعاعها