قال أتعبدون ما تنحتون. والله خلقكم وما تعملون.
____________________
(أصنامهم التي هي في زعمهم آلهة كقوله تعالى - أين شركائي - (ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون) استهزاء بها وبانحطاطها عن حال عبدتها (فراغ عليهم) فأقبل عليهم مستخفيا كأنه قال فضربهم (ضربا) لأن راغ عليهم بمعنى ضربهم، أو فراغ عليهم يضربهم ضربا، أو فراغ عليهم ضربا بمعنى ضاربا. وقرئ صفقا وسفقا ومعناهما الضرب، ومعنى ضربا (باليمين) ضربا شديدا قويا لأن اليمين أقوى الجارحتين وأشدهما، وقيل بالقوة والمتانة، وقيل بسبب الحلف وهو قوله - تالله لأكيدن أصنامكم - (يزفون) يسرعون من زفيف النعام، ويزفون من أزف إذا دخل في الزفيف، أو من أزفه إذا حمله على الزفيف: أي يزف بعضهم بعضا، ويزفون على البناء للمفعول: أي يحملون على الزفيف، ويرفون من وزف يزف إذا أسرع، ويزفون من زفاه إذا حداه كأن بعضهم يزفو بعضا لتسارعهم إليه. فإن قلت:
بين هذا وبين قوله تعالى - قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم - كالتناقض حيث ذكر ههنا أنهم أدبروا عنه خيفة العدوي، فلما أبصروه يكسرهم أقبلوا إليه متبادرين ليكفوه ويوقعوا به، وذكر ثم أنهم سألوا عن الكاسر حتى قيل لهم سمعنا إبراهيم يذمهم فلعله هو الكاسر، ففي أحدهما أنهم شاهدوه يكسرها، وفي الآخر أنهم استدلوا بذمه على أنه الكاسر. قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يكون الذين أبصروه وزفوا إليه نفرا منهم دون جمهورهم وكبرائهم، فلما رجع الجمهور والعلية من عيدهم إلى بيت الأصنام ليأكلوا الطعام الذي وضعوه عندها لتبرك عليه ورأوها مكسورة اشمأزوا من ذلك وسألوا من فعل هذا بها؟ ثم لم ينم عليه أولئك النفر نميمة صريحة على سبيل التورية والتعريض بقولهم سمعنا فتى يذكرهم لبعض الصوارف.
والثاني أن يكسرها ويذهب ولا يشعر بذلك أحد، ويكون إقبالهم إليه يزفون بعد رجوعهم عن عيدهم وسؤالهم عن الكاسر وقولهم - قالوا فأتوا به على أعين الناس - (والله خلقكم وما تعملون) يعنى خلقكم وخلق ما تعملونه من الأصنام كقوله - بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن - أي فطر الأصنام. فإن قلت: كيف يكون الشئ الواحد مخلوقا لله معمولا لهم حيث أوقع خلقه وعملهم عليها جميعا؟ قلت: هذا كما يقال عمل النجار الباب
بين هذا وبين قوله تعالى - قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم - كالتناقض حيث ذكر ههنا أنهم أدبروا عنه خيفة العدوي، فلما أبصروه يكسرهم أقبلوا إليه متبادرين ليكفوه ويوقعوا به، وذكر ثم أنهم سألوا عن الكاسر حتى قيل لهم سمعنا إبراهيم يذمهم فلعله هو الكاسر، ففي أحدهما أنهم شاهدوه يكسرها، وفي الآخر أنهم استدلوا بذمه على أنه الكاسر. قلت: فيه وجهان: أحدهما أن يكون الذين أبصروه وزفوا إليه نفرا منهم دون جمهورهم وكبرائهم، فلما رجع الجمهور والعلية من عيدهم إلى بيت الأصنام ليأكلوا الطعام الذي وضعوه عندها لتبرك عليه ورأوها مكسورة اشمأزوا من ذلك وسألوا من فعل هذا بها؟ ثم لم ينم عليه أولئك النفر نميمة صريحة على سبيل التورية والتعريض بقولهم سمعنا فتى يذكرهم لبعض الصوارف.
والثاني أن يكسرها ويذهب ولا يشعر بذلك أحد، ويكون إقبالهم إليه يزفون بعد رجوعهم عن عيدهم وسؤالهم عن الكاسر وقولهم - قالوا فأتوا به على أعين الناس - (والله خلقكم وما تعملون) يعنى خلقكم وخلق ما تعملونه من الأصنام كقوله - بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن - أي فطر الأصنام. فإن قلت: كيف يكون الشئ الواحد مخلوقا لله معمولا لهم حيث أوقع خلقه وعملهم عليها جميعا؟ قلت: هذا كما يقال عمل النجار الباب