الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣٣٦
دحورا ولهم عذاب واصب. إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب.
____________________
ولا يتسمعون لا معنى له، وكذلك الاستئناف لان سائلا لو سأل لم تحفظ من الشياطين فأجيب بأنهم لا يسمعون لم يستقم، فبقى أن يكون كلاما منقطعا مبتدأ اقتصاصا لما عليه حال المسترقة للسمع وأنهم لا يقدرون أن يسمعوا إلى كلام الملائكة أو يتسمعوا وهم مقذوفون بالشهب مدحورون عن ذلك، إلا من أمهل حتى خطف خطفة واسترق استراقة فعندها تعاجله الهلكة باتباع الشهاب الثاقب. فإن قلت: هل يصح قول من زعم أن أصله لئلا يسمعوا فحذف اللام كما حذفت في قولك جئتك أن تكرمني فبقى أن لا يسمعوا فحذفت أن وأهدر عملها كما في قول القائل:
* ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى * قلت: كل واحد من هذين الحذفين غير مردود على انفراده، فإما اجتماعهما فمنكر من المنكرات على أن صون القرآن عن مثل هذا التعسف واجب. فإن قلت: أي فرق بين سمعت فلانا يتحدث وسمعت إليه يتحدث وسمعت حديثه وإلى حديثه؟ قلت: المعدى بنفسه يفيد الادراك والمعدى بإلى يفيد الاصغاء مع الادراك. والملأ الاعلى: الملائكة لانهم يسكنون السماوات، والانس والجن: هم الملأ الأسفل لانهم سكان الأرض. وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هم الكتبة من الملائكة، وعنه أشراف الملائكة (من كل جانب) من جميع جوانب السماء من أي جهة صعدوا للاستراق (دحورا) مفعول له: أي ويقذفون للدحور وهو الطرد، أو مدحورين على الحال، أو لان القذف والطرد متقاربان بان في المعنى فكأنه قيل: يدحرون أو قذفا.
وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي بفتح الدال على قذفا دحورا طرودا، أو على أنه قد جاء مجئ القبول والولوع.
والواصب: الدائم، وصب الامر وصوبا: يعني أنهم في الدنيا مرجومون بالشهب، وقد أعد لهم في الآخرة نوع من العذاب دائم غير منقطع (من) في محل الرفع بدل من الواو في لا يسمعون: أي لا يسمع الشياطين إلا الشيطان الذي (خطف الخطفة) وقرئ خطف بكسر الخاء والطاء وتشديدها، وخطف، بفتح الخاء وكسر الطاء وتشديدها وأصلهما أختطف. وقرئ فأتبعه وفاتبعه. الهمزة وإن خرجت إلى معنى التقرير فهي بمعنى الاستفهام في أصلها
(٣٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 ... » »»