الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣١٥
* لقد حق القول على أكثرهم فهم لا يؤمنون * إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون
____________________
بالنفي: أي لم ينذروا فهم غافلون على أن عدم إنذارهم هو سبب غفلتهم، وعلى الثاني بقوله - إنك لمن المرسلين - لتنذر كما تقول أرسلتك إلى فلان لتنذره فإنه غافل أو فهو غافل. فإن قلت: كيف يكونون منذرين غير منذرين لمناقضة هذا ما في الآي الاخر؟ قلت: لا مناقضة لان الاى في نفي إنذارهم لا في نفي إنذار آبائهم وآباؤهم القدماء من ولد إسماعيل وكنت النذارة فيهم. فإن قلت: ففي أحد التفسيرين أن آباءهم لم ينذروا وهو الظاهر فما تصنع به؟ قلت: أريد آباؤهم الأدنون دون الأباعد (القول) قوله تعالى - لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين - يعني تعلق بهم هذا القول وثبت عليهم ووجب لانهم ممن علم أنهم يموتون على الكفر. ثم مثل تصميمهم أعناقهم نحوه ولا يطأطئون رؤوسهم له، وكالحاصلين بين سدين لا يبصرون ما قدامهم ولا ما خلفهم في أن لا تأمل لهم ولا تبصر، وأنهم متعامون عن النظر في آيات الله. فإن قلت: ما معنى قوله (فهي إلى الأذقان)؟ قلت:
معناه فالاغلال واصلة إلى الأذقان ملزوزة إليها، وذلك أن طوق الغل الذي في عنق المغلول يكون ملتقى طرفيه تحت الذقن حلقة فيها رأس العمود نادرا من الحلقة إلى الذقن فلا تخليه يطأطئ رأسه ويوطئ قذاله فلا يزال مقمحا.
(٣١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 320 ... » »»