الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٣ - الصفحة ٣١٤
يس والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين * على صراط مستقيم * تنزيل العزيز الرحيم * لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون
____________________
كما قالوا في القسم " م الله " في أيمن الله (الحكيم) ذي الحكمة، أو لأنه دليل ناطق بالحكمة كالحي، أو لأنه كلام حكيم فوصف بصفة المتكلم به (على صراط مستقيم) خبر بعد خبر، أو صلة للمرسلين. فإن قلت: أي حاجة إليه خبرا كان أو صلة وقد علم أن المرسلين لا يكونون إلا على صراط مستقيم؟ قلت: ليس الغرض بذكره ما ذهبت إليه من تمييز من أرسل على صراط مستقيم عن غيره ممن ليس على صفته، وإنما الغرض وصفه، ووصف ما جاء به من الشريعة فجمع بين الوصفين في نظام واحد كأنه قال: إنك لمن المرسلين الثابتين على طريق ثابت. وأيضا فإن التنكير فيه دل على أنه أرسل من بين الصراط المستقيمة على صراط مستقيم لا يكتنه وصفه. وقرئ تنزيل العزيز الرحيم بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، وبالنصب على أعني، وبالجر على البدل من القرآن (قوما ما أنذر آباؤهم) قوما غير منذر آباؤهم على الوصف، ونحوه قوله تعالى - لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك - وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير - وقد فسر ما أنذر آباؤهم على إثبات الانذار، ووجه ذلك أن تجعل ما مصدرية لتنذر قوما إنذار آبائهم، أو موصولة منصوبة على المفعول الثاني لتنذر قوما ما أنذره آباؤهم من العذاب كقوله تعالى - إنا أنذرناكم عذابا قريبا - فإن قلت: أي فرق بين تعلقي قوله (فهم غافلون) على التفسيرين؟ قلت: هو على الأول متعلق
(٣١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 319 ... » »»