يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم،
____________________
بعيش إلى انقضاء آجالكم. وعن ثابت البناني: لما أهبط آدم وحضرته الوفاة أحاطت به الملائكة، فجعلت حواء تدور حولهم فقال لها: خلي ملائكة ربي فإنما أصابني الذي أصابني فيك، فلما توفي غسلته الملائكة بماء وسدر وترا وحنطته وكفنته في وتر من الثياب، وحفروا له ولحدوا ودفنوه بسرنديب بأرض الهند وقالوا لبنيه: هذه سنتكم بعده. جعل ما في الأرض منزلا من السماء لأنه قضى ثم وكتب، ومنه - وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج - والريش لباس الزينة، أستعير من ريش الطير لأنه لباسه وزينته: أي أنزل عليكم لباسين لباسا يواري سوآتكم ولباسا يزينكم، لأن الزينة غرض صحيح كما قال - لتركبوها وزينة - ولكم فيها جمال - وقرأ عثمان رضي الله عنه ورياشا جمع ريش كشعب وشعاب (ولباس التقوى) ولباس الورع والخشية من الله تعالى وارتفاعه عن الابتداء، وخبره إما الجملة التي هي (ذلك خير) كأنه قيل: ولباس التقوى هو خير، لأن أسماء الإشارة تقرب من الضمائر فيما يرجع إلى عود الذكر، وإما المفرد الذي هو خير وذلك صفة للمبتدأ كأنه قيل: ولباس التقوى المشار إليه خير، ولا تخلو الإشارة من أن يراد بها تعظيم لباس التقوى، أو أن تكون إشارة إلى اللباس المواري للسوأة، لأن مواراة السوأة من التقوى تفضيلا له على لباس الزينة. وقيل لباس التقوى خبر مبتدأ محذوف: أي وهو لباس التقوى ثم قيل ذلك خير. وفي قراءة عبد الله وأبي ولباس التقوى خير. وقيل المراد بلباس التقوى ما يلبس من الدروع والجواشن والمغافر وغيرها مما يتقى به في الحروب. وقرئ ولباس التقوى بالنصب عطفا على لباسا وريشا (ذلك من آيات الله) الدالة على فضله ورحمته على عباده: يعني إنزال اللباس (لعلهم يذكرون) فيعرفوا عظيم النعمة فيه، وهذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقيب ذكر بدو السوآت، وخصف الورق عليها إظهارا للمنة فيما خلق من اللباس، ولما في العري وكشف العورة من المهانة والفضيحة، وإشعارا بأن التستر باب عظيم من أبواب التقوى (لا يفتننكم الشيطان) لا يمتحننكم بأن لا تدخلوا الجنة كما محن أبويكم بأن أخرجهما منها (ينزع عنهما لباسهما) حال: أي أخرجهما نازعا لباسهما بأن كان سببا في أن نزع عنهما (إنه يراكم هو) تعليل للنهي وتحذير من فتنته بأنه بمنزلة العدو المداجي يكيدكم ويغتالكم من حيث لا تشعرون. وعن مالك بن دينار: إن عدوا يراك ولا تراه لشديد المؤنة إلا من عصم الله (وقبيله) وجنوده من الشياطين، وفيه دليل بين أن الجن لا يرون