الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٧٢
أسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين. فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما روى عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين.
وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين
____________________
يكرره ومنه وسوس الحلى وهو فعل غير متعد كولولت المرأة ووعوع الذئب، ورجل موسوس بكسر الواو ولا تقال موسوس بالفتح ولكن موسوس له وموسوس إليه وهو الذي تلقى إليه الوسوسة، ومعنى وسوس له:
فعل الوسوسة لأجله، ووسوس إليه: ألقاها إليه (ليبدي) جعل ذلك غرضا له ليسوءهما إذا رأيا ما يؤثران ستره وأن لا يطلع عليه مكشوفا، وفيه دليل على أن كشف العورة من عظائم الأمور وأنه لم يزل مستهجنا في الطباع ومستقبحا في العقول. فإن قلت: ما للواو المضمومة في (ووري) لم تقلب همزة كما قلبت في أو يصل؟ قلت:
لأن الثانية مدة كألف وارى، وقد جاء في قراءة عبد الله أورى بالقلب (إلا أن تكونا ملكين) إلا كراهة أن تكونا ملكين، وفيه دليل على أن الملكية بالمنظر الأعلى وأن البشرية تلمح مرتبتها كلا ولا. قرئ ملكين بكسر اللام كقوله - وملك لا يبلى - (من الخالدين) من الذين لا يموتون ويبقون في الجنة ساكنين. وقرئ من سوأتهما بالتوحيد وسوآتهما بالواو المشددة (وقاسمهما) وأقسم لهما (إني لكما لمن الناصحين). فإن قلت: المقاسمة أن تقسم لصاحبك ويقسم لك تقول قاسمت فلانا حالفته وتقاسما تحالفا ومنه قوله تعالى - تقاسموا بالله لنبيتنه - قلت: كأنه
(٧٢)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»