الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٧٥
إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون. وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون.
قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون.
____________________
ولا يظهرون للإنس، وأن إظهارهم أنفسهم ليس في استطاعتهم، وإن زعم من يدعي رؤيتهم زور ومخرقة (إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون، أي خلينا بينهم وبينهم لم نكفهم عنهم حتى تولوهم وأطاعوهم فيما سولوا لهم من الكفر والمعاصي، وهذا تحذير آخر أبلغ من الأول. فإن قلت: علام عطف وقبيله؟ قلت: على الضمير في يراكم المؤكد بهو، والضمير في إنه للشأن والحديث. وقرأ اليزيدي وقبيله بالنصب. وفيه وجهان: أن يعطفه على اسم إن، وأن تكون الواو بمعنى مع، وإذا عطفه على اسم إن وهو الضمير في إنه كان راجعا إلى إبليس. الفاحشة ما تبالغ في قبحه من الذنوب: أي إذا فعلوها اعتذروا بأن آباءهم كانوا يفعلونها فاقتدوا بهم، وبأن الله تعالى أمرهم بأن يفعلوها، وكلاهما باطل من العذر لأن أحدهما تقليد والتقليد ليس بطريق للعلم، والثاني افتراء على الله وإلحاد في صفاته، كانوا يقولون: لو كره الله منا ما نفعله لنقلنا عنه. وعن الحسن أن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم إلى العرب وهم قدرية مجبرة يحملون ذنوبهم على الله، وتصديقه قول الله تعالى - وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء) لأن فعل القبيح مستحيل عليه لعدم الداعي ووجود الصارف فكيف يأمر بفعله (أتقولون على الله ما لا تعلمون) إنكار لإضافتهم القبيح إليه وشهادة على أن مبنى قولهم على الجهل المفرط، وقيل المراد بالفاحشة طوافهم بالبيت عراة (بالقسط) بالعدل وبما قام في النفوس أنه مستقيم حسن عند كل مميز، وقيل بالتوحيد (وأقيموا وجوهكم) وقل أقيموا وجوهكم: أي اقصدوا عبادته مستقيمين إليها غير عادلين إلى غيرها (عند كل مسجد) في كل وقت سجود أو في كل مكان سجود وهو الصلاة (وادعوه) واعبدوه (مخلصين له الدين) أي الطاعة مبتغين بها وجه الله خالصا (كما بدأكم تعودون) كما أنشأكم ابتداء يعيدكم، احتج
(٧٥)
مفاتيح البحث: السجود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»