____________________
قال لهما: أقسم لكما إني لمن الناصحين، وقالا له: أتقسم بالله إنك لمن الناصحين؟ فجعل ذلك مقاسمة بينهم، أو أقسم لهما بالنصيحة وأقسما له بقبولهما، أو أخرج قسم إبليس على زنة المفاعلة لأنه اجتهد فيه اجتهاد المقاسم (فدلاهما) فنزلهما إلى الأكل من الشجرة (بغرور) بما غرهما به من القسم بالله. وعن قتادة: وإنما يخدع المؤمن بالله. وعن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا رأى من عبده طاعة وحسن صلاة أعتقه، فكان عبيده يفعلون ذلك طلبا للعتق، فقيل له إنهم يخدعونك، فقال: من خدعنا بالله انخدعنا له (فلما ذاقا الشجرة) وجدا طعمها آخذين في الأكل منها، وقيل الشجرة هي السنبلة، وقيل شجرة الكرم (بدت لهما سوآتهما) أي تهافت عنهما اللباس فظهرت لهما عوراتهما وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر. وعن عائشة رضي الله عنها: ما رأيت منه ولا رأى مني. وعن سعيد بن جبير: كان لباسهما من جنس الأظفار. وعن وهب: كان لباسهما نورا يحول بينهما وبين النظر. ويقال طفق يفعل كذا بمعنى جعل يفعل كذا. وقرأ أبو السمال وطفقا بالفتح (يخصفان) ورقة فوق ورقة على عوراتهما ليستترا بها كما يخصف النعل بأن تجعل طرقة على طرقة وتوثق بالسيور. وقرأ الحسن يخصفان بكسر الخاء وتشديد الصاد وأصله يختصفان. وقرأ الزهري يخصفان من أخصف وهو منقول من خصف: يخصفان أنفسهما. وقرئ يخصفان من خصف بالتشديد كان (من ورق الجنة) قيل ورق التين (ألم أنهكما) عتاب من الله تعالى وتوبيخ وتنبيه على الخطأ حيث لم يتحذرا ما حذرهما الله من عداوة إبليس. وروى أنه قال لآدم: ألم يكن لك فيما منحتك من شجر الجنة مندوحة عن هذه الشجرة؟ فقال: بلى وعزتك، ولكن ما ظننت أن أحدا من خلقك يحلف بك كاذبا، قال: فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض ثم لا تنال العيش إلا كدا، فأهبط وعلم صنعة الحديد، وأمر بالحرث فحرث وسقى وحصد وداس وذرى وطحن وعجن وخبز. وسميا ذنبهما وإن كان صغيرا مغفورا ظلما لأنفسهما وقالا (لنكونن من الخاسرين) على عادة الأولياء والصالحين في استعظامهم الصغير من السيئات واستصغارهم العظيم من الحسنات (اهبطوا) الخطاب لآدم وحواء وإبليس و (بعضكم لبعض عدو) في موضع الحال: أي متعادين يعاديهما إبليس ويعاديانه (مستقر) استقرار أو موضع استقرار (ومتاع إلى حين) وانتفاع