الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٧٠
(لأقعدن لهم صراطك المستقيم).
____________________
أي فبسبب إغوائك أقسم، ويجوز أن تكون الباء للقسم: أي فأقسم بإغوائك لأقعدن، وإنما أقسم بالإغواء لأنه كان تكليفا والتكليف من أحسن أفعال الله لكونه تعريضا لسعادة الأبد فكان جديرا بأن يقسم به. ومن تكاذيب المجبرة ما حكوه عن طاوس أنه كان في المسجد الحرام فجاء رجل من كبار الفقهاء يرمى بالقدر، فجلس إليه فقال له طاوس: تقوم أو تقام، فقام الرجل، فقيل له: أتقول هذا الرجل فقيه؟ فقال: إبليس أفقه منه قال - رب بما أغويتني - وهذا يقول أنا أغوي نفسي، وما ظنك بقوم بلغ من تهالكهم على إضافة القبائح إلى الله سبحانه أن لفقوا الأكاذيب على الرسول والصحابة والتابعين، وقيل ما للاستفهام كأنه قيل: بأي شئ أغويتني، ثم ابتدأ لأقعدن وإثبات الألف إذا أدخل حرف الجر على ما الاستفهامية قليل شاذ، وأصل الغي الفساد، ومنه غوى الفصيل إذا بشم، والبشم فساد في المعدة (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) لأعترضن لهم على طريق الاسلام كما يعترض العدو على الطريق ليقطعه على السابلة وانتصابه على الظرف كقوله * كما عسل الطريق الثعلب * وشبهه الزجاج بقولهم ضرب زيد الظهر والبطن: أي على الظهر والبطن. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقة، قعد له بطريق الاسلام فقال له: تدع دين آبائك، فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: له تدع ديارك وتتغرب، فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له: تقاتل فتقتل فيقسم
(٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 ... » »»