الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٥٦٦
ولكم الويل مما تصفون. وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون. أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون.
____________________
فجعله كأنه جرم صلب كالصخرة مثلا قذف به على جرم رخو أجوف فدمغه، ثم قال (ولكم الويل مما تصفونه) به مما لا يجوز عليه وعلى حكمته. وقرئ فيدمغه بالنصب وهو في ضعف قوله:
سأترك منزلي لبنى تميم * وألحق بالحجاز فأستريحا وقرئ فيدمغه (ومن عنده) هم الملائكة والمراد أنهم مكرمون منزلون لكرامتهم عليه منزلة المقربين عند الملوك على طريق التمثيل والبيان لشرفهم وفضلهم على جميع خلقه. فإن قلت: الاستحسار مبالغة في الحسور فكان الأبلغ في وصفهم أن ينفى عنهم أدنى الحسور. قلت: في الاستحسار بيان أن ما هم فيه يوجب غاية الحسور وأقصاه وأنهم أحقاء لتلك العبادات الباهظة بأن يستحسروا فيما يفعلون: أي تسبيحهم متصل دائم في جميع أوقاتهم لا يتخلله فترة بفراغ أو شغل آخر. هذه أم المنقطعة الكائنة بمعنى بل، والهمزة قد آذنت بالإضراب عما قبلها والإنكار لما بعدها والمنكر هو اتخاذهم (آلهة من الأرض هم ينشرون) الموتى ولعمرى إن من أعظم المنكرات أن ينشر الموتى بعض الموات. فإن قلت: كيف أنكر عليهم اتخاذ آلهة تنشر وما كانوا يدعون ذلك لآلهتهم وكيف وهم أبعد شئ عن
(٥٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 561 562 563 564 565 566 567 568 569 570 571 ... » »»