الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٥٥٢
لننسفنه في اليم نسفا. إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شئ علما. كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا. من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا. خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا.
يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا. يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا.
____________________
ولتحرقنه، وفى حرف ابن مسعود لنذبحنه ولنحرقنه ولتحرقنه القراءتان من الإحراق. وذكر أبو علي الفارسي في لنحرقنه أنه يجوز أن يكون حرق مبالغة في حرق إذا برد بالمبرد، وعليه القراءة الثالثة وهى قراءة علي بن أبي طالب رضي الله عنه (لننسفنه) بكسر السين وضمها، وهذه عقوبة ثالثة وهى إبطال ما افتتن به وفتن وإهدار سعيه وهدم مكره - ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين - قرأ طلحة: الله الذي لا إله إلا هو الرحمن رب العرش (وسع كل شئ علما) وعن مجاهد وقتادة وسع، ووجهه أن وسع متعد إلى مفعول واحد وهو كل شئ، وأما علما فانتصابه على التمييز وهو في المعنى فاعل، فلما ثقل نقل إلى التعدية إلى مفعولين فنصبهما معا على المفعولية، لأن لمميز فاعل في المعنى كما تقول في خاف زيد عمرا خوفت زيدا عمرا فترد بالنقل ما كان فاعلا مفعولا. الكاف في (كذلك) منصوب المحل، وهذا موعد من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم: أي مثل ذلك الاقتصاص ونحو ما اقتصصنا عليك قصة موسى وفرعون نقص عليك من سائر أخبار الأمم وقصصهم وأحوالهم تكثيرا لبيناتك وزيادة في معجزاتك، وليعتبر السامع ويزداد المستبصر في دينه بصيرة وتتأكد الحجة على من عاند وكابر، وإن هذا الذكر الذي آتيناك: يعنى القرآن مشتملا على هذه الأقاصيص والأخبار الحقيقة بالتفكر والاعتبار لذكر عظيم وقرآن كريم، فيه النجاة والسعادة لمن أقبل عليه، ومن أعرض عنه فقد هلك وشقى. يريد بالوزر العقوبة الثقيلة الباهظة، سماها وزرا تشبيها في ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها بالحمل الذي يفدح الحامل وينقض ظهره ويلقى عليه بهره، أو لأنها جزاء الوزر وهو الإثم. وقرئ يحمل. جمع (خالدين) على المعنى لأن من مطلق متناول لغير معرض واحد، وتوحيد الضمير في أعرض وما بعده للحمل على اللفظ ونحوه قوله تعالى - ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها - (فيه) أي في ذلك الوزر أو في احتماله (ساء) في حكم بئس، والضمير الذي فيه يجب أن يكون مبهما يفسره (حملا) والمخصوص بالذم محذوف لدلالة الوزر السابق عليه تقديره: ساء حملا وزرهم، كما حذف في قوله تعالى: - نعم العبد إنه أواب - أيوب هو المخصوص بالمدح، ومنه قوله تعالى - وساءت مصيرا - أي وساءت مصيرا جهنم. فإن قلت: اللام في لهم ما هي وبم تتعلق؟ قلت: هي للبيان كما في هيت لك. فإن قلت: ما أنكرت أن يكون في ساء ضمير الوزر. قلت: لا يصح أن يكون في ساء وحكمه حكم بئس ضمير شئ بعينه غير مبهم. فإن قلت: فلا يكن ساء الذي حكمه حكم بئس وليكن ساء الذي منه قوله تعالى - سيئت وجوه الذين كفروا - بمعنى أهم وأحزن: قلت: كفاك صادا عنه أن يؤول كلام الله إلى قولك: وأحزن الوزر لهم يوم القيامة حملا، وذلك بعد أن تخرج عن عهدة هذه اللام وعهدة هذا المنصوب. أسند النفخ إلى الآمر به فيمن قرأ
(٥٥٢)
مفاتيح البحث: يوم القيامة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 557 ... » »»