____________________
لأن من أكل منها خلد بزعمه كما قيل لحيزوم فرس الحياة لأن من باشر أثره حيى (وملك لا يبلى) دليل على قراءة الحسن بن علي وابن عباس رضي الله عنهم: إلا أن تكونا ملكين بالكسر. طفق يفعل كذا مثل جعل يفعل وأخذ وأنشأ، وحكمها حكم كاد في وقوع الخبر فعلا مضارعا، وبينها وبينة مسافة قصيرة هي للشروع في أول الأمر، وكاد لمشارفته والدنو منه. قرئ (يخصفان) للتكثير والتكرير من خصف النعل وهو أن يخرز عليها الخصاف: أي يلزقان الورق بسوآتهما للتستر وهو ورق التين. وقيل كان مدورا فصار على هذا الشكل من تحت أصابعهما. وقيل كان لباسهما الظفر فلما أصابا الخطيئة نزع عنهما وتركت هذه البقايا في أطراف الأصابع عن ابن عباس: لا شبهة في أن آدم لم يمتثل ما رسم الله له وتخطى فيه ساحة الطاعة وذلك هو العصيان، ولما عصى خرج فعله من أن يكون رشدا وخيرا فكان غيا لا محالة، لأن الغى خلاف الرشد، ولكن قوله (وعصى آدم ربه فغوى) بهذا الإطلاق وبهذا التصريح وحيث لم يقل وزل آدم وأخطأ وما أشبه ذلك مما يعبر به عن الزلات والفرطات فيه لطف بالمكلفين ومزجرة بليغة وموعظة كافة، وكأنه قيل لهم: انظروا واعتبروا كيف نعيت على النبي المعصوم حبيب الله الذي لا يجوز عليه إلا اقتراف الصغيرة غير المنفرة زلته بهذه الغلظة وبهذا اللفظ الشنيع، فلا تتهاونوا بما يفرط منكم من السيئات والصغائر فضلا أن تجسروا على التورط في الكبائر، وعن بعضهم: فغوى فبشم من كثرة الأكل، وهذا وإن صح على لغة من يقلب الياء المكسور ما قبلها ألفا فيقول في فنى وبقى فنا وبقا وهم بنو طي تفسير خبيث. فإن قلت: ما معنى (ثم اجتباه ربه)؟ قلت: ثم قبله بعد التوبة وقربه إليه من بي إلى كذا فاجتبته ونظيره جليت على العروس فاجتليتها، ومنه قوله عز وجل - وإذا لم تأتهم بآية قالوا لولا اجتبيتها - أي هلا جبيت إليك فاجتبيتها وأصل الكلمة الجمع، ويقولون اجتبت الفرس نفسها: إذا اجتمعت نفسها راجعة بعد النفار، و (هدى) أي وفقه لحفظ التوبة وغيره من أسباب العصمة والتقوى لما كان آدم وحواء عليهما السلام أصلى البشر والسببين اللذين منهما نشئوا وتفرعوا جعلا كأنهما المبشر في أنفسهما فخوطبا مخاطبتهم فقيل (فإما يأتينكم) على لفظ الجماعة ونظيره إسنادهم الفعل إلى السبب وهو في الحقيقة للمسبب (هدى) كتاب وشريعة. وعن ابن عباس: ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا قوله (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) والمعنى: أن الشقاء في الآخرة هو عقاب من ضل في الدنيا عن طريق الدين، فمن اتبع كتاب الله