____________________
من الشياطين الذين أغووهم يقرن كل كافر مع شيطان في سلسلة. فإن قلت: هذا إذا أريد بالإنسان الكفرة خاصة فإن أريد الأناسي على العموم فكيف يستقيم حشرهم مع الشياطين؟ قلت: إذا حشر جميع الناس حشرا واحدا وفيهم الكفرة مقرونين بالشياطين فقد حشروا من الشياطين كما حشروا الكفرة. فإن قلت: هلا عزل السعداء عن الأشقياء في الحشر كما عزلوا عنهم في الجزاء؟ قلت: لم يفرق بينهم وبينهم في المحشر وأحضروا حيث تجاثوا حول جهنم وأوردوا معهم النار ليشاهد السعداء الأحوال التي نجاهم الله منها وخلصهم فيزدادوا لذلك غبطة إلى غبطة وسرورا إلى سرور، ويشمتوا بأعداء الله وأعداءهم فتزداد مساءتهم وحسرتهم وما يغيظهم من سعادة أولياء الله وشماتتهم بهم. فإن قلت: ما معنى إحضارهم جثيا؟ قلت: أما إذا فسر الإنسان بالخصوص فالمعنى أنهم يقبلون من المحشر إلى شاطئ جهنم عتلا على حالهم التي كانوا عليها في الموقف جثاة على ركبهم غير مشاة على أقدامهم وذلك أن أهل الموقف وصفوا بالجثو، قال الله تعالى - وترى كل أمة جاثية - على العادة المعهودة في مواقف المقاولات والمناقلات من تجاثى أهلها على الراكب لما في ذلك من الاستيفاز والقلق وإطلاق الحبا وخلاف الطمأنينة أولما يدهمهم من شدة الأمر التي لا يطيقون معها القيام على أرجلهم فيحبون على ركبهم حبوا، وإن فسر بالعموم فالمعنى أنهم يتجاثون عند موافاة شاطئ جهنم، على أن جثيا حال مقدرة كما كانوا في الموقف متجاثين لأنه من توابع التواقف للحساب قبل التوصل إلى الثواب والعقاب. المراد بالشيعة وهى فعلة كفرقة وفتية: الطائفة التي شاعت أي تبعت غاويا من الغواة قال الله تعالى - إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا - يريد تمتاز من كل طائفة من طوائف الغى والفساد أعصاهم فأعصاهم، وأعتاهم فأعتاهم، فإذا اجتمعوا طرحناهم في النار على الترتيب تقدم أولاهم بالعذاب فأولاهم. أو أراد بالذين هم أولى بها صليا المنتزعين كما هم كأنه قال: ثم لنحن أعلم بتصلية هؤلاء وهم أولى بالصلى من بين سائر الصالين ودركاتهم أسفل وعذابهم أشد. ويجوز أن يريد بأشدهم عتيا رؤساء الشيع وأئمتهم لتضاعف جرمهم بكونهم ضلالا ومضلين، قال الله تعالى - الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون - وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم - واختلف في إعراب (أيهم أشد) فعن الخليل أنه مرتفع على الحكاية تقديره لننزعن الذين يقال فيهم أيهم أشد، وسيبويه على أنه مبنى على