____________________
أما الإنس فما هم بهذه المثابة إنما يرسل الملك إلى مختار منهم للنبوة فيقوم ذلك المختار بدعوتهم وإرشادهم. فإن قلت:
هل يجوز أن يكون بشرا وملكا منصوبين على الحال من رسولا؟ قلت: وجه حسن، والمعنى له أجوب (شهيدا بيني وبينكم) على أنى بلغت ما أرسلت به إليكم وأنكم كذبتم وعاندتم (إنه كان بعباده) المنذرين والمنذرين (خبيرا) عالما بأحوالهم فهو مجازيهم، وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيد للكفرة وشهيدا تمييز أو حال (ومن يهد الله) ومن يوفقه ويلطف به (فهو المهتد) لأنه لا يلطف إلا بمن عرف أن اللطف ينفع فيه (ومن يضلل) ومن يخذل (فلن تجد لهم أولياء) أنصارا (على وجوههم) كقوله - يوم يسحبون في النار على وجوههم - وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يمشون على وجوههم؟ قال: إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم (عميا وبكما وصما) كما كانوا في الدنيا لا يستبصرون بالحق ويتصامون عن استماعه فهم في الآخرة كذلك لا يبصرون ما يقر أعينهم ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم ولا ينطقون بما يقبل منهم - ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى - ويجوز أن يحشروا مؤقى الحواس من الموقف إلى النار بعد الحساب، فقد أخبر عنهم في موضع آخر أنهم يقرءون ويتكلمون (كلما خبت) كلما أكلت جلودهم ولحومهم وأفنتها فسكن لهبا بدلوا غيرها فرجعت ملتهبة مستعرة كأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء جعل الله جزاءهم أن سلط النار على أجزائهم تأكلها وتفنيها ثم يعيدها، لا يزالون على الإفناء والإعادة ليزيد ذلك في تحسرهم على تكذيبهم البعث ولأنه أدخل في الانتقام من الجاحد، وقد دل على ذلك بقوله (ذلك جزاؤهم) إلى قوله (أئنا لمبعوثون خلقا جديدا). فإن قلت: علام عطف قوله - وجعل لهم أجلا -؟ قلت: على قوله " أو لم يروا) لأن المعنى: قد علموا بدليل العقل أن من قدر على خلق السماوات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم من الإنس لأنهم ليسوا بأشد خلقا منهن كما قال - أأنتم أشد خلقا أم السماء - (وجعل لهم أجلا لا ريب فيه) وهو الموت أو القيامة فأبوا مع وضوح الدليل إلا جحودا. لو حقها أن تدخل على الأفعال دون الأسماء فلا بد من فعل بعدها في (لو أنتم تملكون) وتقديره: لو
هل يجوز أن يكون بشرا وملكا منصوبين على الحال من رسولا؟ قلت: وجه حسن، والمعنى له أجوب (شهيدا بيني وبينكم) على أنى بلغت ما أرسلت به إليكم وأنكم كذبتم وعاندتم (إنه كان بعباده) المنذرين والمنذرين (خبيرا) عالما بأحوالهم فهو مجازيهم، وهذه تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيد للكفرة وشهيدا تمييز أو حال (ومن يهد الله) ومن يوفقه ويلطف به (فهو المهتد) لأنه لا يلطف إلا بمن عرف أن اللطف ينفع فيه (ومن يضلل) ومن يخذل (فلن تجد لهم أولياء) أنصارا (على وجوههم) كقوله - يوم يسحبون في النار على وجوههم - وقيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يمشون على وجوههم؟ قال: إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم (عميا وبكما وصما) كما كانوا في الدنيا لا يستبصرون بالحق ويتصامون عن استماعه فهم في الآخرة كذلك لا يبصرون ما يقر أعينهم ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم ولا ينطقون بما يقبل منهم - ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى - ويجوز أن يحشروا مؤقى الحواس من الموقف إلى النار بعد الحساب، فقد أخبر عنهم في موضع آخر أنهم يقرءون ويتكلمون (كلما خبت) كلما أكلت جلودهم ولحومهم وأفنتها فسكن لهبا بدلوا غيرها فرجعت ملتهبة مستعرة كأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء جعل الله جزاءهم أن سلط النار على أجزائهم تأكلها وتفنيها ثم يعيدها، لا يزالون على الإفناء والإعادة ليزيد ذلك في تحسرهم على تكذيبهم البعث ولأنه أدخل في الانتقام من الجاحد، وقد دل على ذلك بقوله (ذلك جزاؤهم) إلى قوله (أئنا لمبعوثون خلقا جديدا). فإن قلت: علام عطف قوله - وجعل لهم أجلا -؟ قلت: على قوله " أو لم يروا) لأن المعنى: قد علموا بدليل العقل أن من قدر على خلق السماوات والأرض فهو قادر على خلق أمثالهم من الإنس لأنهم ليسوا بأشد خلقا منهن كما قال - أأنتم أشد خلقا أم السماء - (وجعل لهم أجلا لا ريب فيه) وهو الموت أو القيامة فأبوا مع وضوح الدليل إلا جحودا. لو حقها أن تدخل على الأفعال دون الأسماء فلا بد من فعل بعدها في (لو أنتم تملكون) وتقديره: لو