الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤٤٨
خبيرا بصيرا. ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا. ولا تقربوا الزنا إن كان فاحشة وساء سبيلا. ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا. ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا.
____________________
الإثم، يقال خطئ خطأ كأثم إثما وخطأ وهو ضد الصواب اسم من أخطأ، وقيل هو والخطء كالحذر والحذر، وخطاء بالكسر والمد وخطاء بالفتح والمد وخطأ بالفتح والسكون. وعن الحسن خطأ بالفتح وحذف الهمزة كالخب وعن أبي رجاء بكسر الخاء غير مهموز (فاحشة) قبيحة زائدة على حد القبح (وساء سبيلا) وبئس طريقا طريقه وهو أن تغصب على غيرك امرأته أو أخته أو بنته من غير سبب، والسبب ممكن وهو الصهر الذي شرعه الله (إلا بالحق) إلا بإحدى ثلاث: إلا بأن تكفر أو تقتل مؤمنا عمدا أو تزني بعد إحصان (مظلوما) غير راكب واحدة منهن (لوليه) الذي بينه وبينه قرابة توجب المطالبة بدمه، فإن لم يكن له ولي فالسلطان وليه (سلطانا) تسلطا على القاتل في الاقتصاص منه أو حجة يثب بها عليه (فلا يسرف) الضمير للولي: أي فلا يقتل غير القاتل ولا اثنين والقاتل واحد كعادة الجاهلية، كان إذا قتل منهم واحد قتلوا به جماعة حتى قال مهلهل حين قتل بجير بن الحرث ابن عباد: بؤبشسع نعل كليب، وقال:
كل قتيل في كليب غره * حتى ينال القتل آل أمره وكانوا يقتلون غير القاتل إذا لم يكن بواء. وقيل الإسراف المثلة. وقرأ أبو مسلم صاحب الدولة فلا يسرف بالرفع على أنه خبر في معنى الأمر وفيه مبالغة ليست في الأمر. وعن مجاهد أن الضمير للقاتل الأول. وقرئ فلا تسرف على خطاب الولي أو قاتل المظلوم، وفي قراءة أبي فلا تسرفوا رده على ولا تقتلوا (إنه كان منصورا) الضمير إما للولي: يعني حسبه أن الله قد نصره بأن أوجب له القصاص فلا يستزد على ذلك، وبأن الله قد نصره بمعونة السلطان وبإظهار المؤمنين على استيفاء الحق فلا يبغ ما وراء حقه، وإما للمظلوم لأن الله ناصره حيث أوجب القصاص بقتله وينصره في الآخرة بالثواب، وأما الذي يقتله الولي بغير حق ويسرف في قتله فإنه منصور بإيجاب القصاص على المسرف (بالتي هي أحسن) بالخصلة أو الطريقة التي هي أحسن وهي حفظه عليه وتثميره (إن العهد كان مسؤولا) أي مطلوبا يطلب من المعاهد أن لا يضيعه ويفي به، ويجوز أن يكون تخييلا كأنه يقال للعهد لم نكثت
(٤٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 453 ... » »»