____________________
(لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا) لطلبوا إلى من له الملك والربوبية سبيلا بالمغالبة كما يفعل الملوك بعضهم مع بعض كقوله - لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا -، وقيل لتقربوا إليه كقوله - أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة - (علوا) في معنى تعاليا والمراد البراءة عن ذلك والنزاهة. ومعنى وصف العلو بالكبر: المبالغة في معنى البراءة والبعد مما وصفوا به. والمراد أنها تسبح له بلسان الحال حيث تدل على الصانع وعلى قدرته وحكمته فكأنها تنطق بذلك، وكأنها تنزه الله عز وجل مما لا يجوز عليه من الشركاء وغيرها. فإن قلت: فما تصنع بقوله (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) وهذا التسبيح مفقوه معلوم؟ قلت: الخطاب للمشركين، وهم وإن كانوا إذا سئلوا عن خالق السماوات والأرض قالوا الله إلا أنهم لما جعلوا معه آلهة مع إقرارهم فكأنهم لم ينظروا ولم يقروا، لأن نتيجة النظر الصحيح والإقرار الثابت خلاف ما كانوا عليه، فإذا لم يفقهوا التسبيح ولم يستوضحوا الدلالة على الخالق. فإن قلت: من فيهن يسبحون على الحقيقة وهم الملائكة والثقلان وقد عطفوا على السماوات والأرض فما وجهه؟ قلت: التسبيح المجازي حاصل في الجميع فوجب الحمل عليه، وإلا كانت الكلمة الواحدة في حالة واحدة محمولة على الحقيقة والمجاز (إنه كان حليما غفورا) حين لا يعاجلكم بالعقوبة على غفلتكم وسوء نظركم وجهلكم بالتسبيح وشرككم (حجابا مستورا) ذا ستر كقولهم: سيل مفعم ذو إفعام. وقيل هو حجاب لا يرى فهو مستور، ويجوز أن يراد أنه حجاب من دونه حجاب أو حجب فهو مستور بغيره، أو حجاب يستر أن يبصر