الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤٠٨
ولدار الآخرة خير ولنعم الدار المتقين. جنات عدن يدخلونها تجري من تحتها الأنهار لهم فيها ما يشاءون كذلك يجزي الله المتقين. الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون. فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون. وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ نحن ولا آباؤنا
____________________
كقوله - فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة - (ولنعم دار المتقين) دار الآخرة فحذف المخصوص بالمدح لتقدم ذكره، و (جنات عدن) خبر مبتدأ محذوف، ويجوز أن يكون المخصوص بالمدح (طيبين) طاهرين من ظلم أنفسهم بالكفر والمعاصي لأنه في مقابلة ظالمي أنفسهم (يقولون سلام عليكم) قيل إذا أشرف العبد المؤمن على الموت جاءه ملك فقال: السلام عليك يا ولي الله، الله يقرأ عليك السلام وبشره بالجنة (تأتيهم الملائكة) قرئ بالتاء والياء: يعني أن تأتيهم لقبض الأرواح، و (أمر ربك) العذاب المستأصل أو القيامة (كذلك) أي مثل ذلك الفعل من الشرك والتكذيب (فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله) بتدميرهم (ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) لأنهم فعلوا ما استوجبوا به التدمير (سيئات ما عملوا) جزاء سيئات أعمالهم أو هو كقوله - وجزاء سيئة سيئة مثلها -.
هذا من جملة ما عدد من أصناف كفرهم وعنادهم من شركهم بالله وإنكار وحدانيته بعد قيام الحجج وإنكار البعث واستعجاله استهزاء منهم به وتكذيبهم الرسول وشقاقهم واستكبارهم عن قبول الحق: يعني أنهم أشركوا بالله وحرموا ما أحل الله من البحيرة والسائبة وغيرهما، ثم نسبوا فعلهم إلى الله وقالوا: لو شاء لم نفعل، وهذا مذهب
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»