____________________
قوم بنوا بنيانا وعمدوه بالأساطين، فأتى البنيان من الأساطين بأن ضعضعت فسقط عليهم السقف وهلكوا، ونحوه من حفر لأخيه جبا وقع فيه منكبا. وقيل هو نمروذ بن كنعان حين بنى الصرح ببابل طوله خمسة آلاف ذراع، وقيل فرسخان فأهب الله الريح فخر عليه وعلى قومه فهلكوا. ومعنى إتيان الله: إتيان أمره (من القواعد) من جهة القواعد (من حيث لا يشعرون) من حيث لا يحتسبون ولا يتوقعون. وقرئ فأتى الله بيتهم فخر عليهم السقف بضمتين (يخزيهم) يذلهم بعذاب الخزي - ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته - يعني هذا لهم في الدنيا ثم العذاب في الآخرة (شركائي) على الإضافة إلى نفسه حكاية لإضافتهم ليوبخهم بها على طريق الاستهزاء بهم (تشاقون فيهم) تعادون وتخاصمون المؤمنين في شأنهم ومعناهم. وقرئ تشاقون بكسر النون بمعنى تشاقونني لأن مشاقة المؤمنين كأنها مشاقة الله (قال الذين أوتوا العلم) هم الأنبياء والعلماء من أممهم الذين كانوا يدعونهم إلى الإيمان ويعظونهم فلا يلتفتون إليهم ويتكبرون عليهم ويشاقونهم يقولون ذلك شماتة بهم، وحكى الله ذلك من قولهم ليكون لطفا لمن سمعه، وقيل هم الملائكة. قرئ تتوفاهم بالتاء والياء وقرئ الذين توفاهم بإدغام التاء في التاء (فألقوا السلم) فسالموا وأخبتوا وجاءوا بخلاف ما كانوا عليه في الدنيا من الشقاق والكبر وقالوا (ما كنا نعمل من سوء) وجحدوا ما وجد منهم من الكفر والعدوان فرد عليهم أولوا العلم (إن الله عليم بما كنتم تعملون) فهو يجازيكم عليه وهذا أيضا من الشماتة، وكذلك (فأدخلوا أبواب جهنم - خيرا) أنزل خيرا. فإن قلت: لم نصب هذا ورفع الأول؟ قلت:
فصلا بين جواب المقر وجواب الجاحد، يعني أن هؤلاء لما سئلوا لم يتلعثموا وأطبقوا الجواب على السؤال بينا مكشوفا مفعولا للإنزال فقالوا خيرا: أي أنزل خيرا، وأولئك عدلوا بالجواب عن السؤال فقالوا هم أساطير الأولين وليس من الإنزال في شئ. وروي أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء الوافد كفه المقتسمون وأمروه بالانصراف وقالوا إن لم تقله كان خيرا لك فيقول: أنا شر وافد إن رجعت إلى قومي دون أن أستطلع أمر محمد وأراه، فيلقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبرونه بصدقه وأنه نبي مبعوث فهم الذين قالوا خيرا، وقوله (للذين أحسنوا) وما بعده بدل من خيرا حكاية لقول الذين اتقوا: أي قالوا هذا القول فقدم تسميته خيرا ثم حكاه، ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ عدة للقائلين، ويجعل قولهم من جملة إحسانهم ويحمدوا عليه (حسنة) مكافأة في الدنيا بإحسانهم ولهم في الآخرة ما هو خير منها
فصلا بين جواب المقر وجواب الجاحد، يعني أن هؤلاء لما سئلوا لم يتلعثموا وأطبقوا الجواب على السؤال بينا مكشوفا مفعولا للإنزال فقالوا خيرا: أي أنزل خيرا، وأولئك عدلوا بالجواب عن السؤال فقالوا هم أساطير الأولين وليس من الإنزال في شئ. وروي أن أحياء العرب كانوا يبعثون أيام الموسم من يأتيهم بخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء الوافد كفه المقتسمون وأمروه بالانصراف وقالوا إن لم تقله كان خيرا لك فيقول: أنا شر وافد إن رجعت إلى قومي دون أن أستطلع أمر محمد وأراه، فيلقى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخبرونه بصدقه وأنه نبي مبعوث فهم الذين قالوا خيرا، وقوله (للذين أحسنوا) وما بعده بدل من خيرا حكاية لقول الذين اتقوا: أي قالوا هذا القول فقدم تسميته خيرا ثم حكاه، ويجوز أن يكون كلاما مبتدأ عدة للقائلين، ويجعل قولهم من جملة إحسانهم ويحمدوا عليه (حسنة) مكافأة في الدنيا بإحسانهم ولهم في الآخرة ما هو خير منها