الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٤٠٤
لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون. وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون. وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون. وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون. وعلامات
____________________
على الابتداء والخبر. وقرئ والنجوم مسخرات بالرفع وما قبله بالنصب وقال (إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون) فجمع الآية وذكر العقل لأن الآثار العلوية أظهر دلالة على القدرة الباهرة وأبين شهادة للكبرياء والعظمة (وما ذرأ لكم) معطوف على الليل والنهار: يعني ما خلق فيها من حيوان وشجر وثمر وغير ذلك مختلف الهيئات والمناظر (لحما طريا) هو السمك، ووصفه بالطراوة لأن الفساد يسرع إليه فيسارع إلى أكله خيفة الفساد عليه. فإن قلت: ما بال الفقهاء قالوا إذا حلف الرجل لا يأكل لحما فأكل سمكا لم يحنث والله تعالى سماه لحما كما ترى؟
قلت: مبنى الأيمان على العادة وعادة الناس إذا ذكر اللحم على الإطلاق أن لا يفهم منه السمك، وإذا قال الرجل لغلامه: اشتر بهذه الدراهم لحما فجاء بالسمك كان حقيقا بالإنكار، ومثاله أن الله تعالى سمى الكافر دابة في قوله - إن شر الدواب عند الله الذين كفروا - فلو حلف حالف لا يركب دابة فركب كافرا لم يحنث (حلية) هي اللؤلؤ والمرجان، والمراد بلبسهم لبس نسائهم لأنهن من جملتهم، ولأنهن إنما يتزين بها من أجلهم فكأنها زينتهم ولباسهم. المخر شق الماء بحيزومها. وعن الفراء: هو صوت جري الفلك بالرياح. وابتغاء الفضل: التجارة (أن تميد بكم) كراهة أن تميد بكم وتضطرب، والمائد الذي يدار به إذا ركب البحر. قيل خلق الله الأرض فجعلت تمور، فقالت الملائكة: ما هي بمقر أحد على ظهرها، فأصبحت وقد أرسيت بالجبال لم تدر الملائكة مم خلقت (وأنهارا) وجعل فيها أنهارا لأن ألقى فيه معنى جعل ألا ترى إلى قوله - ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا - (وعلامات) هي معالم الطرق وكل ما تستدل به السابلة من جبل ومنهل وغير ذلك. والمراد بالنجم الجنس كقولك: كثر الدراهم في أيدي الناس. وعن السدي: هو الثريا والفرقدان ونبات نعش والجدي. وقرأ الحسن
(٤٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 ... » »»