الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٦٥
سورة إبراهيم عليه السلام مكية. وهي إحدى وخمسون آية بسم الله الرحمن الرحيم الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد. الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد.
____________________
وقع فيها عنده صلة يرتفع العلم بالمقدر في الظرف فيكون فاعلا، لأن الظرف إذا وقع صلة أوغل في شبه الفعل لاعتماده على الموصول فعمل عمل الفعل كقولك: مررت بالذي في الدار أخوه، فأخوه فاعل كما تقول بالذي استقر في الدار أخوه. وفي القراءة التي لم يقع فيها عنده صلة يرتفع العلم بالابتداء. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قرأ سورة الرعد أعطي من الأجر عشر حسنات بوزن كل سحاب مضى وكل سحاب يكون إلى يوم القيامة وبعث يوم القيامة من الموفين بعهد الله ".
سورة إبراهيم عليه السلام مكية. وهي إحدى وخمسون آية (بسم الله الرحمن الرحيم) (كتاب) هو كتاب يعني السورة. وقرئ - ليخرج الناس -. والظلمات والنور استعارتان للضلال والهدى (بإذن ربهم) بتسهيله وتيسيره مستعار من الإذن الذي هو تسهيل للحجاب، وذلك ما يمنحهم من اللطف والتوفيق (إلى صراط العزيز الحميد) بدل من قوله إلى النور بتكرير العامل كقوله - للذين استضعفوا لمن آمن منهم -، ويجوز أن يكون على وجه الاستئناف كأنه قيل إلى أي نور؟ فقيل إلى صراط العزيز الحميد، وقوله (الله) عطف بيان للعزيز الحميد لأنه جرى مجرى الأسماء الأعلام لغلبته واختصاصه بالمعبود الذي تحق له العبادة كما غلب النجم في الثريا. وقرئ بالرفع على هو الله. الويل نقيض الوأل وهو النجاة اسم معنى كالهلاك إلا أنه لا يشق منه فعل، إنما يقال ويلا له فينصب نصب المصادر ثم يرفع رفعها لإفادة معنى الثبات، فيقال ويل له كقوله سلام عليك، ولما ذكر الخارجين من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان توعد الكافرين بالويل. فإن قلت: ما وجه اتصاله قوله (من عذاب شديد) بالويل؟ قلت: لأن المعنى أنهم يولون من عذاب شديد ويضجون منه ويقولون يا ويلاه كقوله - دعوا
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»