____________________
دونه إلا أسماء سميتموها - وهذا الاحتجاج وأساليبه العجيبة التي ورد عليها مناد على نفسه بلسان طلق ذلق أنه ليس من كلام البشر لمن عرف وأنصف من نفسه - فتبارك الله أحسن الخالقين - وقرئ أتنبئونه بالتخفيف (مكرهم) كيدهم للإسلام بشركهم (وصدوا) قرئ بالحركات الثلاث، وقرأ ابن أبي إسحاق وصد بالتنوين (ومن يضلل الله) ومن يخذله لعلمه أنه لا يهتدي (فما له من هاد) فما له من أحد يقدر على هدايته (لهم عذاب في الحياة الدنيا) وهو ما ينالهم من القتل والأسر وسائر المحن، ولا يلحقهم إلا عقوبة لهم على الكفر ولذلك سماه عذابا (وما لهم من الله من واق) وما لهم من حافظ من عذابه أو ما لهم من جهته واق من رحمته (مثل الجنة) صفتها التي هي في غرابة المثل وارتفاعه بالابتداء والخبر محذوف على مذهب سيبويه أي فيما قصصناه عليكم مثل الجنة، وقال غيره الخبر (تجري من تحتها الأنهار) كما تقول صفة زيد أسمر، وقال الزجاج: معناه مثل الجنة جنة تجري من تحتها الأنهار على حذف الموصوف تمثيلا لما غاب عنا بما نشاهد، وقرأ علي رضي الله عنه أمثال الجنة على الجمع: أي صفاتها (أكلها دائم) كقوله - لا مقطوعة ولا ممنوعة - (وظلها) دائم لا ينسخ كما ينسخ في الدنيا بالشمس (والذين آتيناهم الكتاب) يريد من أسلم من اليهود كعبد الله بن سلام وكعب وأصحابهما ومن أسلم من النصارى وهم ثمانون رجلا: أربعون بنجران، واثنان وثلاثون بأرض الحبشة، وثمانية من أهل اليمين، هؤلاء (يفرحون بما أنزل إليك، ومن الأحزاب) يعني ومن أحزابهم وهم كفرتهم الذين تحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعداوة نحو كعب بن الأشرف وأصحابه والسيد والعاقب أسقفي نجران وأشياعهما (من ينكر بعضه) لأنهم كانوا لا ينكرون الأقاصيص وبعض الأحكام والمعاني مما هو ثابت في كتبهم غير محرف، وكانوا ينكرون ما هو نعت الإسلام ونعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغير ذلك مما حرفوه وبدلوه من الشرائع. فإن قلت: كيف اتصل قوله (قل إنما أمرت أن أعبد الله) بما قبله؟ قلت: هو جواب للمنكرين معناه: قل إنما أمرت فيما أنزل إلي بأن أعبد الله ولا أشرك به، فإنكاركم له إنكار لعبادة الله وتوحيده، فانظروا ما ذا تنكرون مع ادعائكم وجوب عبادة الله وأن لا يشرك به - قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا -. وقرأ نافع في رواية أبي خليد ولا أشرك بالرفع على الاستئناف كأنه قال: وأنا لا أشرك به، ويجوز أن يكون في موضع الحال على معنى: أمرت أن أعبد الله غير مشرك به (إليه ادعوا) خصوصا لا أدعو إلى غيره (وإليه) لا إلى غيره مرجعي