الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٤٩
والقمر كل يجرى لأجل مسمى يدبر الأمر يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون.
وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشى الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون. وفى الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون. وإن تعجب فعجب قولهم أإذا كنا ترابا أإنا لفى خلق جديد. أولئك الذين كفروا بربهم وأولئك الأغلال في أعناقهم وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون. ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة
____________________
كذلك، وقيل هي صفة لعمد ويعضده قراءة أبى ترونه، وقرئ عمد بضمتين (يدبر الأمر) يدبر أمر ملكوته وربوبيته (يفصل) آياته في كتبه المنزلة (لعلكم بلقاء ربكم توقنون) بالجزاء وبأن هذا المدبر والمفصل لا بدلكم من الرجوع إليه، وقرأ الحسن ندبر بالنون (جعل فيها زوجين اثنين) خلق فيها من جميع أنواع الثمرات زوجين زوجين حين مدها ثم تكاثرت بعد ذلك وتنوعت. وقيل أراد بالزوجين الأسود والأبيض والحلو والحامض والصغير والكبير وما أشبه ذلك من الأصناف المختلفة (يغشى الليل النهار) يلبسه مكانه فيصير أسود مظلما بعد ما كان أبيض منيرا، ومقرئ يغشى بالتشديد (قطع متجاورات) بقاع مختلفة مع كونها متجاورة متلاصقة طيبة إلى سبخة وكريمة، إلى زهيدة وصلبة، إلى رخوة وصالحة للزرع لا للشجر، إلى أخرى على عكسها مع انتظامها جميعا في جنس الأرضية، وذلك دليل على قادر مريد موقع لأفعاله على وجه دون وجه. وكذلك الزروع والكروم والنخيل النابتة في هذه القطع مختلفة الأجناس والأنواع، وهى تسقى بماء واحد، وتراها متغايرة الثمر في الأشكال والألوان والطعوم والروائح متفاضلة فيها. وفى بعض المصاحف قطعا متجاورات على وجعل. وقرئ وجنات بالنصب للعطف على زوجين أو بالجر على كل الثمرات. وقرئ وزرع ونخيل بالجر عطفا على أعناب أو جنات والصنوان جمع صنو وهى النخلة لها رأسان وأصلها واحد، وقرئ بالضم والكسر لغة أهل الحجاز، والضم لغة بنى تميم وقيس. تسقى بالتاء والياء (ونفضل) بالنون وبالياء على البناء للفاعل والمفعول جميعا (في الأكل) بضم الكاف وسكونها (وإن تعجب) يا محمد من قولهم في إنكار البعث فقولهم عجيب حقيق بأن يتعجب منه، لأن من قدر على إنشاء ما عدد عليك من الفطر العظيمة ولم يعى بخلقهن كانت الإعادة أهون شئ عليه وأيسره، فكان إنكارهم أعجوبة من الأعاجيب (أئذا كنا) إلى آخر قولهم يجوز أن يكون في محل الرفع بدلا من قولهم، وأن يكون منصوبا بالقول، وإذا نصب بما دل عليه قوله - أئنا لفى خلق جديد - (وأولئك الذين كفروا بربهم) أولئك الكاملون المتمادون في كفرهم (وأولئك الأغلال في أعناقهم) وصف بالإصرار كقوله - إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا - ونحوه * لهم عن الرشد أغلال وأفياد * أو هو من جملة الوعيد (بالسيئة قبل الحسنة) بالنقمة قبل العافية والإحسان
(٣٤٩)
مفاتيح البحث: الأكل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 344 345 346 347 348 349 350 351 352 353 354 ... » »»