وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم لعلهم يرجعون. فلما رجعوا إلى أبيهم قالوا يا أبانا منع منا الكيل فأرسل معنا أخانا
____________________
تعرفوا له (ولما جهزهم بجهازهم) أي أصلحهم بعدتهم وهى عدة السفر من الزاد وما يحتاج إليه المسافرون، وأوقر ركائبهم بما جاءوا له من الميرة، وقرئ بجهازهم بكسر الجيم (قال ائتوني بأخ لكم من أبيكم) لابد من مقدمة سبقت له معهم حتى اجتر القول هذه المسألة. روى أنه لما رآهم وكلموه بالعبرانية قال لهم: أخبروني من أنتم وما شأنكم فإني أنكركم، قالوا: نحن قوم من أهل الشأم رعاة أصابنا الجهد فجئنا نمتار، فقال: لعلكم جئتم عيونا تنظرون عورة بلادي، قالوا: معاذ الله نحن إخوة بنو أب واحد وهو شيخ صديق نبي من الأنبياء اسمه يعقوب. قال كم أنتم؟ قالوا كنا اثنى عشر فهلك منا واحد، قال: فكم أنتم ههنا؟ قالوا عشرة، قال: فأين الأخ الحادي عشر؟ قالوا هو عند أبيه يتسلى به من الهلك، قال: فمن يشهد لكم أنكم لستم بعيون وأن الذي تقولون حق؟ قالوا: إننا ببلاد لا يعرفنا فيها أحد فيشهد لنا، قال: فدعوا بعضكم عندي رهينة وائتوني بأخيكم من أبيكم وهو يحمل رسالة من أبيكم حتى أصدقكم، فاقترعوا بينهم فأصابت القرعة شمعون وكان أحسنهم رأيا في يوسف فخلفوه عنده، وكان قد أحسن إنزالهم وضيافتهم (ولا تقربون) فيه وجهان: أحدهما أن يكون داخلا في حكم الجزاء مجزوما عطفا على محل قوله - فلا كيل لكم - كأنه قيل: فإن لم تأتوني به تحرموا ولا تقربوا وأن يكون بمعنى النهى (سنراود عنه أباه) سنخادعه عنه وسنجتهد ونحتال حتى ننتزعه من يده (وإنا لفاعلون) وإنا لقادرون على ذلك لا نتعايا به، أو وإنا لفاعلون ذلك لا محالة لا نفرط فيه ولا نتوانى (لفتيته) وقرئ لفتيانه وهما جمع فتى كإخوة وإخوان في أخ وفعلة للقلة وفعلان للكثرة: أي لغلمانه الكيالين (لعلهم يعرفونها) لعلهم يعرفون حق ردها وحق التكريم بإعطاء البدلين (إذا انقلبوا إلى أهلهم) وفرغوا ظروفهم (لعلهم يرجعون) لعل معرفتهم بذلك تدعوهم إلى الرجوع إلينا، وكانت بضاعتهم النعال والآدم. وقيل تخوف أن لا يكون عند أبيه من المتاع ما يرجعون به. وقيل لم ير من الكرم أن يأخذ من أبيه وإخوته ثمنا: وقيل علم أن ديانتهم تحملهم على رد البضاعة لا يستحلون إمساكها فيرجعون لأجلها. وقيل معنى - لعلهم يرجعون - لعلهم يردونها (منع منا الكيل) يريدون