الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل - الزمخشري - ج ٢ - الصفحة ٣٢٤
قالوا: أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين. وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون. يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون
____________________
(أضغاث أحلام) تخاليطها وأباطيلها وما يكون منها من حديث نفس أو وسوسة شيطان، وأصل الأضغاث ما جمع من أخلاط النبات، وحزم الواحد ضغث فاستعيرت لذلك، والإضافة بمعنى من أي أضغاث من أحلام ، والمعنى: هي أضغاث أحلام. فإن قلت: ما هو إلا حلم واحد فلم قالوا أضغاث أحلام فجمعوا؟ قلت: هو كما تقول فلان يركب الخيل ويلبس عمائم الخز، لمن لا يركب إلا فرسا واحدا وما له إلا عمامة فردة تزيدا في الوصف، فهؤلاء أيضا تزيدوا في وصف الحلم بالبطلان فجعلوه أضغاث أحلام، ويجوز أن يكون قد قص عليهم مع هذه الرؤيا رؤيا غيرها (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) إما أن يريدوا بالأحلام المنامات الباطلة خاصة فيقولوا:
ليس لها عندنا تأويل، فإن التأويل إنما هو للمنامات الصحيحة الصالحة، وإما أن يعترفوا بقصور علمهم وأنهم ليسوا في تأويل الأحلام بنحارير. قرئ (وادكر) بالدال وهو الفصيح، وعن الحسن واذكر بالذال المعجمة والأصل تذكر: أي تذكر الذي نجا من الفتيين من القتل يوسف وما شاهد منه (بعد أمة) بعد مدة طويلة، وذلك أنه حين استثنى الملك في رؤياه وأعضل على الملأ تأويلها تذكر الناجي يوسف وتأويله رؤياه ورؤيا صاحبه وطلبه إليه أن يذكره عند الملك، وقرأ الأشهب العقيلي بعد إمة بكسر الهمزة. والأمة النعمة، قال عدى:
ثم بعد الفلاح والملك والإمة * وارتهم هناك القبور أي بعد ما أنعم عليه بالنجاة. وقرئ بعد أمه: بعد نسيان، يقال أمه يأمه أمها إذا نسى، ومن قرأ بسكون الميم فقد خطئ (أنا أنبئكم بتأويله) أنا أخبركم به عمن عنده علمه، وفى قراءة الحسن أنا آتيكم بتأويله (فأرسلون) فابعثوني إليه لأسأله ومروني باستعباره. وعن ابن عباس لم يكن السجن في المدينة. المعنى: فأرسلوه إلى يوسف فأتاه فقال (يوسف أيها الصديق) أيها البليغ في الصدق، وإنما قال له ذلك لأنه ذاق أحواله وتعرف صدقه في تأويل رؤياه ورؤيا صاحبه حيث جاء كما أول ولذلك كلمه كلام محترز فقال (لعلى أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون
(٣٢٤)
مفاتيح البحث: الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»